الفكر الإلحادي ليس ظاهرة حديثة، بل له جذور تاريخية، وجدت في أزمنة مختلفة وبنسب متفاوتة. وقد تطور هذا الفكر حسب الظروف متأثرًا بالسياقات الثقافية والفلسفية المختلفة عبر العصور إلى يومنا هذا حيث حاول الملحدون تفسير الظواهر الطبيعية دون الحاجة إلى منظور ديني، معتمدين في ذلك أحياناً على بعض النظريات العلمية الحديثة.
يأتي هذا البحث ليسلط الضوء على مسارات التفكير الإلحادي ومناهجه المتنوعة التي اتبعها عبر العصور، ومن ثم يستعرض منهجية القرآن الكريم في نقد هذه المسارات من خلال حوار موسى وفرعون نظرا لأن هذا الحوار قد أخذ حيزا كبيرا من الحوارات القرآنية كما أنه يمثل مواجهة حاسمة بين الإيمان والإلحاد، ويُبرز التباين الجوهري بين المنهج الموضوعي العقلاني الذي يمثله موسى والأسلوب التشغيبي والغصب الذي يمثله فرعون.
يعتمد البحث على المنهج الاستقرائي والنقدي، حيث تم استقراء مسارات التفكير الإلحادي من خلال الآيات القرآنية الواردة في قصة موسى وفرعون، ومن ثم نقدها في ضوء المنهج القرآني للحوار.
وقد توصل البحث إلى عدة استنتاجات مهمة، أبرزها الكشف عن الأخطاء المنهجية التي وقع فيها الإلحاد في تعامله مع القضايا الإيمانية الكبرى، مثل التشبث بالمنهج التجريبي وتجاهل طرق المعرفة الأخرى عند تناول الأمور الميتافيزيقية. وقد تم عرض تلك الاستنتاجات في نهاية البحث مما يسهم في فهم أعمق للتفكير الإلحادي ومنهجية القرآن في نقده.