The Civilizing Process

The Civilizing Process
كتاب "عملية التمدّن" (The Civilizing Process) لعالم الاجتماع نوربرت إلياس، يُعدّ من أبرز الأعمال التي غيّرت طريقة فهمنا لتطوّر السلوك البشري والمجتمعات الغربية. نُشر لأول مرة عام 1939، ثم أُعيد تقديمه لاحقًا في نسخة مُنقحة من مجلدين، وقد أسهم بشكل حاسم في تأسيس ما يُعرف اليوم بعلم اجتماع الجسد والعواطف والتاريخ طويل الأمد.
يتناول إلياس في هذا الكتاب كيف تطورت معايير "السلوك المهذب" في أوروبا الغربية من العصور الوسطى إلى العصر الحديث، مركّزًا على الفئات العليا من المجتمع، وكيف انعكس ذلك على الحياة اليومية، مثل آداب المائدة، واستخدام أدوات الطعام، والتحكّم في الانفعالات، والعلاقات بين الجنسين، وحتى طريقة قضاء الحاجات الشخصية.
ينقسم الكتاب إلى جزأين رئيسيين:
  • الجزء الأول يتناول تغيّر سلوك الطبقات العليا في أوروبا الغربية، محلّلاً بعمق نشأة مفاهيم "الثقافة" و"التمدّن" في فرنسا وألمانيا، والتوتر بين المصطلحين كما تجلى في الخطاب الألماني تحديدًا، حيث استُخدمت كلمة "ثقافة" (Kultur) للدلالة على الأصالة والتفوق الأخلاقي والروحي، مقابل "التمدّن" (Zivilisation) الذي اعتُبر مظهرًا خارجيًا سطحيًا للسلوك.
  • الجزء الثاني يركّز على نشأة الدولة الحديثة، موضحًا كيف ساهم احتكار العنف من قبل السلطة المركزية، وتطوّر مؤسسات الدولة، في تكوين البنى الاجتماعية والنفسية التي دفعت الناس إلى ممارسة ضبط النفس الداخلي، بحيث باتت مراقبة السلوك تصدر من الذات، لا من الخارج فحسب.
يرى إلياس أن عملية التمدّن ليست نتاجًا للقرارات السياسية أو الأخلاقية فحسب، بل هي سيرورة اجتماعية نفسية طويلة الأمد، تطورت عبر قرون من تفاعل العلاقات الطبقية، وتوزيع السلطة، ومنافسات النخبة، وانعكست تدريجيًا على الأفراد، فصاروا أكثر تحفّظًا، وأكثر شعورًا بالحياء، وأكثر قدرة على كبح دوافعهم، في مشهد طويل ومعقّد من "التأديب الذاتي".
ما يجعل هذا الكتاب مؤثرًا للغاية هو ربطه بين التحوّلات التاريخية الكبرى والتحوّلات الدقيقة في سلوك الأفراد، من خلال استخدام مصادر تاريخية نادرة، مثل كتب السلوك وآداب المائدة في العصور الوسطى، وتحليلها كوثائق تكشف كيف تشكّل "الضمير الاجتماعي" الأوروبي الحديث.
يُعد "عملية التمدّن" كتابًا رائدًا لفهم الجذور العميقة للتحولات الاجتماعية الغربية، وقد ألهم أجيالًا من الباحثين في ميادين علم الاجتماع، والأنثروبولوجيا، وتاريخ الأفكار، والدراسات النفسية.
 
يمكنكم تحميل الكتاب من خلال رابط الصفحة التالي: