اتجاهات التعلم لدى البالغين: بيانات جديدة من مسح مهارات البالغين لعام 2023
OECD
OECD
1. السياق الاستراتيجي للتعلم المستمر للكبار
يشكل التعلم المستمر للكبار أداة محورية في استراتيجيات الحكومات لمواكبة التغيرات الهيكلية في أسواق العمل، الناتجة عن التحولات التكنولوجية والديموغرافية، بالإضافة إلى التحول الاقتصادي نحو الاقتصاد الأخضر. يقر التقرير بأن تطوير مهارات الأفراد مدى الحياة ضرورة حيوية لتعزيز قابلية التوظيف، دعم نمو الإنتاجية، وتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود أمام الصدمات الخارجية.
2. تصنيف أشكال التعلم وتأثيرها على التنمية المهارية
يحدد التقرير ثلاث أوجه رئيسة للتعلم لدى البالغين: التعلم الرسمي المؤدي إلى شهادات معتمدة، التعلم غير الرسمي الذي يشمل دورات قصيرة وورش عمل غير معتمدة، والتعلم غير الرسمي غير المؤسسي المتمثل في اكتساب المهارات من خلال الخبرة العملية اليومية. يبرز التقرير أهمية التكامل بين هذه الأشكال الثلاثة لتعظيم أثر التعلم في تطوير رأس المال البشري.
3. الفوارق الجغرافية والاجتماعية في المشاركة التعليمية
تكشف البيانات تفاوتاً جوهرياً في معدلات المشاركة بين الدول، حيث تتصدر دول الشمال الأوروبي والأنجلوفونية المشاركة بنسب تفوق 50%، مقابل معدلات منخفضة في بعض الدول الآسيوية وأوروبا الشرقية. كما يتضح تأثير العوامل الاجتماعية مثل العمر، النوع الاجتماعي، الخلفية التعليمية، والوضع الاقتصادي على إمكانية الوصول إلى فرص التعلم، مما يستوجب تصميم سياسات تستهدف تقليص الفجوات التعليمية.
4. الاتجاهات التطورية لمشاركة الكبار في التعليم
تشير التحليلات إلى استقرار أو تراجع طفيف في معدلات المشاركة خلال العقد الأخير في معظم البلدان المبحوثة، مع بعض الاستثناءات المحدودة. ويرتبط هذا التراجع بضعف المهارات الأساسية مثل القراءة والحساب، ما يشير إلى وجود حلقة مفرغة قد تؤدي إلى تراجع عام في جودة رأس المال البشري وقدرة الأفراد على التكيف مع متطلبات سوق العمل المتغيرة.
5. خصائص المحتوى التعليمي ومستويات المؤهلات
يركز التعلم الرسمي غالباً على اكتساب مؤهلات جامعية أو معادلة، فيما يهيمن على التعلم غير الرسمي التدريب المهني والمهارات التقنية والرقمية. يبرز التقرير نقصاً في البرامج التي تعزز المهارات الأساسية كالقراءة والكتابة والحساب، والتي تعد أساسية للنجاح في بيئات العمل الحديثة، مما يفتح مجالاً لتحسين تصميم المناهج التدريبية لتلبي الاحتياجات المتطورة.
6. تأثير مدة الدورات على المشاركة وفاعلية التعلم
تُظهر البيانات أن غالبية أنشطة التعلم غير الرسمي ذات مدة قصيرة تقل عن أسبوع، مما يرفع من معدلات المشاركة نظراً لسهولة الالتحاق. مع ذلك، يشير التقرير إلى أن الإكثار من الدورات القصيرة قد يحد من فرص إعادة التأهيل العميق والتكيف الوظيفي المستدام، ويشدد على أهمية اعتماد أنظمة تعليمية مرنة تجمع بين قابلية الوصول والعمق المعرفي.
7. التعلم غير الرسمي في بيئة العمل كرافد للتطوير المهني
يؤكد التقرير على أن التعلم غير الرسمي أثناء العمل يشكل عنصرًا أساسياً في اكتساب المهارات المستمرة، حيث يتفاوت نطاقه بين البلدان حسب طبيعة الوظائف، ومستوى الاستقلالية المهنية، وثقافة التعلم المؤسسي. يُعد هذا النوع من التعلم مكملاً للتدريب الرسمي وغير الرسمي، وله دور بارز في تعزيز قابلية التكيف والإنتاجية.
8. الحواجز المؤسسية والشخصية أمام المشاركة التعليمية
تكشف الدراسة عن استمرار وجود عوائق رئيسية أمام المشاركة في التعلم، أبرزها ضيق الوقت بسبب الالتزامات العملية والعائلية، والتكاليف المالية المرتبطة بالتدريب. كما تتفاوت هذه الحواجز بين الفئات السكانية، حيث تعاني النساء، والشرائح الشابة، والحاصلون على تعليم منخفض من تحديات أكبر، مما يستدعي سياسات مستهدفة لإزالة هذه العراقيل.
9. أدوار أصحاب العمل والشراكات متعددة الأطراف
يبرز التقرير الدور الحيوي لأصحاب العمل في توفير فرص التعلم من خلال الدعم المالي، وتخصيص أوقات التدريب خلال ساعات العمل، مما يسهم في رفع معدلات المشاركة وجودة التعلم. كما يشدد على أهمية تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطوير بنى تحتية تعليمية تتسم بالمرونة والملاءمة لاحتياجات سوق العمل.
10. توصيات لإصلاح شامل في سياسات التعلم المستمر
يدعو التقرير إلى اعتماد نهج تحولي في سياسات التعلم للكبار، يتميز بالتكامل بين التمويل الحكومي ودعم أصحاب العمل، وتطوير نماذج تقديم تعليمية مرنة ومتنوعة. ويؤكد أن الاستثمار في استراتيجيات شاملة ومستدامة للتعلم المستمر هو السبيل الوحيد لضمان تطوير مهارات فعالة، تعزز النمو الاقتصادي وتمكن الأفراد من التعامل مع التحديات المستقبلية بسلاسة.