المسؤولية في الخطاب القرآني وأثرها في وعي الفرد والمجتمع

المسؤولية في الخطاب القرآني وأثرها في وعي الفرد والمجتمع

المسؤولية في الخطاب القرآني وأثرها في وعي الفرد والمجتمع
الأستاذ الدكتور حيدر عبد العزيز إسماعيل حمد
مجلة درر للدراسات الاسلامية - مجلد 2 عدد 1 (2025)


لتحميل البحث وقراءته، الرجاء النقر على الرابط التالي: 
https://tinyurl.com/2nzhx49z


المسؤولية في الإسلام مفهوم جوهري ينبني على تكليف الإنسان بما وُكِّل إليه شرعًا من مهام، فردية كانت أو جماعية، باعتباره كائنًا مكرّمًا عاقلًا. فكل من مُنح سلطانًا على أمرٍ ما، صار مسؤولًا عنه أمام الله والناس. 
وتتجلى المسؤولية الفردية في أن يكون الإنسان محاسبًا على ذاته، في جسده، وجوارحه، وعقله، وأقواله وأفعاله، وحتى على مكنونات قلبه من مشاعر كالحقد والحسد. 
وهذه المسؤولية لا يشاركه فيها أحد، فإن أحسن نال الأجر، وإن أساء استحق العقاب. والعقل مناط هذه المسؤولية؛ فمن زال عقله زال معه التكليف. 
وقد أسس القرآن هذا المفهوم الرباني بأن ربط المسؤولية بمقاصد الخلق: التكريم، الحرية، العقل، وبَعثة الرسل، ومن توفرت فيه هذه المقومات، وجب عليه حمل أمانة المسؤولية، ما لم يسقط عنه ذلك بزوال العقل، وهو ما يُعرف بارتفاع مناط المسؤولية. 
وتنبني المسؤولية على مشقةٍ وتكليف، فهي لا تكون في الأمور التافهة، بل فيما فيه نفع ومؤنة، كالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والنفقة، والنصيحة، ورد الحقوق، وقول الحق. 
وهي إما التزامٌ طوعيّ، يتقبله الإنسان باختياره كما فعل يوسف عليه السلام حين تولى أمر الخزائن، أو إلزامٌ شرعيّ، يُفرض على المكلف كنفقة الزوجة والولد وسداد الديون. 
فالمسؤولية في جوهرها تعبير عن الإدراك العميق للتكليف الشرعي، وهي ركيزة لإصلاح الفرد والمجتمع، ووسيلة لتحقيق مقاصد الشريعة في إقامة العدل وحفظ الحقوق.