مضى على امتنا في العصر الحديث قرنان على الأقل من محاولات الإصلاح والتجديد والنهضة، ولكن لم تحقق أمتنا نهضتها الحضارية بعد، بل مازالت أمتنا على هامش الأمم، ودولنا في ذيل ترتيب دول العالم من حيث القوة والمنعة والتقدم الصناعي والتقني والاقتصادي ومن حيث القوة العلمية ومستوى الحياة الاجتماعية التي تحقق الكرامة لأبنائها وبناتها. واليوم، وفي زمن التحولات العاصفة، والمآزق البنيوية التي تعيشها مجتمعاتنا العربية والإسلامية، تبرز الحاجة إلى إعادة التفكير في سؤال النهضة من جذوره. لأننا كما سبق القول لا تزال شعوبنا ترزح تحت أعباء التخلف، وقيود الاستبداد، وآفات الفساد، رغم السعي الحثيث من نخبها الإصلاحية إلى تغيير الواقع، والخروج من دائرة التخلف والهامشية، نحو الحرية والكرامة والتقدم. لكن، ومع تكرار محاولات الإصلاح والتغيير، وتجارب النهوض، يظهر سؤال حادّ ومؤرق: لماذا لا يتغير واقعنا؟ لماذا تفشل محاولات التغيير، أو تنحرف عن مسارها، أو تُجهض قبل أن تثمر؟
في هذه الحلقة من برنامج موازين نتعمّق مع الأستاذ وضاح خنفر في مفهوم "الجغرافيا المقدسة" باعتبارها العمود الفقري لأي مشروع نهضوي للأمة. نستعرض كيف نشأت فكرة الدولة القومية في الغرب على أنقاض الحروب وبالاقتباس من التراث الإسلامي، ولماذا كانت عندنا الأمة هي الأصل والدولة خادمة لها.
ما الذي نقصده بمصطلح أمة وبماذا يختلف عن الدولة؟ ومن أول من أعطاه مدلولا سياسيا؟ وكيف أحاط العرب والمسلمون أنفسهم بوهم خُط بالقلم فأصبح مقدسا وقاتلا؟