إشكالات الموروث ومضامين الفكر الفلسفي المعاصر

التصنيف

إصدارات جديدة

التاريخ

05/06/2024

عدد المشاهدات

50

تُعالج الدكتورة فريدة حيرش غيوة في دراستها العلميّة الصّادرة عن دار ميم للنشر بالجزائر، بعنوان "إشكاليات الموروث ومضامين الفكر الفلسفي المعاصر"، ملابسات المركزيات الفكرية المتعلّقة بالمعرفة.

وتقول الباحثة في تقديم الكتاب: "تكشفُ النظريات الفلسفية المعاصرة والراهنة على السواء عن ميلاد أزمة خانقة لمشكلة المعرفة، حيث تباينت الآراء حول فلسفات المعنى والدلالة، وفلسفات الوجود، وفلسفات الماهية، والفلسفات السياسية وغيرها من المشكلات الإنسانية التي لا زالت إلى يومنا هذا تحتاج إلى حلول جدرية وقراءات تسهم في تجاوز صراعات هذه النظريات التي رافقت تاريخ الفلسفة، إذ نجد بعضها يضفي على مشكلات المعرفة الصبغة الدينية أو النفسية أو الأخلاقية أو المثالية أو المادية، والبعض الآخر يضفي عليها الصبغة التماثلية أو الرمزية الرياضية والمنطقية، وهذا إن دلّ على شيء، فإنّما يدلُّ على أنّ تاريخ الفلسفة، منذ أفلاطون، لم يعط أهمية لعملية النقد المتعلّق بالمعارف أو بالمشكلات الفلسفية. وفي هذا السياق، نلاحظ أنّ المركزية الفكرية تتجمّع وتتطابق وتكرّر ذاتها بذاتها لتؤلف في النهاية ظاهرة مسجونة على مرّ العصور والأزمنة".

وتضيف الباحثة بالقول: "لقد ظلّ هذا التحليل يفرض نفسه في معظم الممارسات الفكرية والأدبية والسياسية والاقتصادية، كما نجح في خلق مسارات فرضت نفسها في البحث المعرفي، ممّا أنتج كتلة ضخمة أو موروثا معرفيا تجلّى في السلوكات والرؤى والتصوُّرات والمعاني، التي ارتبطت ببعضها البعض ممّا حدا إلى إعادة تفسيرها، وذلك بالرجوع إلى أصلها الغربي".

وتؤكّد المؤلّفة بأنّها خُصّصت هذه الدراسة لمعالجة هذه القضايا، وهي معالجة تمدّدت على مجموعة من البحوث التخصُّصيّة التي تمّ نشر بعضها من قبل في عديد من الدوريات العلمية الأكاديمية، وبعضُها الآخر لم يسبق نشره ليكون مادة علميّة لهذه الدراسة الشاملة.

وفي هذا السياق، تضيف الباحثة بالقول: "يكشف هذا الكتاب عن تمسُّك المعرفة الغربية "بالمركزية" Centralismeالمتعالية حتى تفرض سلطتها على العقل، ويتّضح ذلك في المفهوم المسيحي للحياة، مثلا، حيث تجلًت أوّل محاولة لكتابة تاريخ عالمي كانت مسيحية صرفة، وعلى الرغم من مساهمة المفكرين اليونانيين والرومانيين في تقديم معارف جديدة تتعلَق بتاريخ العالم إلا أنّ هذه العملية باءت بالفشل".

وتخلص الباحثة إلى أنّ "النظرة الغربية الدوغمائية Dogmatique التي تجلّت بوضوح في القرون السابقة أساءت إلى الفهم الحقيقي للمعارف، حسب الفلاسفة الغربيين المعاصرين والراهنين، لأنّها أكدت على منهج الوحدة والاستمرارية التي تبنّاها فلاسفة، أمثال هيجل وماركس وكوندورسيه وغيرهم، فهيجل – مثلا - أوضح أنّ المعرفة تتجلّى في العقل المطلق، وماركس الذي أعلن عن موت النظام الرأسمالي وحلول النظام الاشتراكي الذي يمهّد للوحدة البشرية التي تجمع الناس في نظام إنساني جديد هو النظام الشيوعي، وكوندورسيه الذي أكَد على حالة التنوُّع في المعارف التي يعتقد أنّها ستزول مهما طال الزمن، وستختفي كلُّ التباينات المعرفية لتحُلّ محلّها حقائق علمية يفرضها البرهان العلمي.

من هذا المنطلق، نلاحظ أنّ المعارف السابقة ظلَت كلُّها حبيسة "منطق الهوية" Logique de l’identité الذي يوحّد بين مقدمتين في وحدة متكاملة تفرض ممارسة سلطوية على الفكر، فهي لا تولي اهتمامها بفعل التجديد والتغيير الذي يفرضه كلُّ عصر.

يُشار إلى أنّ الدكتورة فريدة حيرش غيوة باحثة جزائرية حاصلةٌ على شهادة دكتوراه في الفلسفة، وتعمل أستاذة بجامعة بشير منتوري بقسنطينة (شرق الجزائر).

/العمانية /النشرة الثقافية /طلال المعمري

الهجرة الرقمية للهويات وتداعيات نزوح الثقافات نحو الافتراضي اقتصادات وسائل الإعلام - الممارسات والتحديات والفرص