يحاول كتاب "حضور إدوارد سعيد في الخطاب النقدي العربي المعاصر"، الصّادر عن دار ميم للنشر بالجزائر، لمؤلّفه د. نورالدين جويني، أن يتناول تجربة المفكّر الفلسطيني إدوارد سعيد، ومدى الحضور الذي حظي به في الأوساط الفكرية والأدبيّة العربيّة، خاصّة وقد عُرف إدوارد سعيد بأنّه صاحب تجربة ثقافيّة فتحت مجالا جديدًا طوّره بعده كل من: البنغاليّة غياتري سبيفاك، والهندي هومي ك. بابا، وهو حقل "الدراسات ما بعد الكولونيالية"، ومعروفٌ أنّ هذا المجال تتمحور أفكارُه بالدرجة الأولى حول كيفية إعادة كتابة التاريخ بصيغة جديدة، وذلك من أجل كشف الحدود المصطنعة للكولونيالية.
ويقول المؤلّف في تقديم هذا الكتاب: "مع أنّ الاستقبال الذي حظي به إدوارد سعيد (1935/ 2003)، في الثقافة العربية من ناحية التعريف بفكره وترجمة أعماله، خصوصا كتاب "الاستشراق" كان واسعا، وشمل مختلف وسائط الاستقبال، إلا أنّ هذا الاستقبال كان باهتا جدا، مقارنة بالاستقبال الذي حظي به عند المثقفين الهنود وغيرهم؛ فقد تمّت قراءة أعمال إدوارد سعيد في الثقافة العربية من منطلق إمّا إيديولوجي، كقراءات المنتمين للتوجُّه اليساري، أو من منطلق تعاطفي، نظرا لاهتمامه بالقضية الفلسطينية، أو من منظور يُصنّف إدوارد سعيد باعتباره عربيًّا يعيش في الغرب ويدافع عن الإسلام".
ويصفُ مؤلّف الكتاب هذه الردود بأنّها ردودٌ سلبيّة، وصلت إلى حدّ إثارة حفيظة إدوارد سعيد نفسه، وجعلته يتأسّف لحال هذا الاستقبال.
وعن الجديد الذي يُقدّمُه هذا الكتاب، يضيف د. نورالدين جويني بالقول: "لذا تأتي هذه المحاولة من أجل التركيز على دراسة إدوارد سعيد من منظور ميديولوجي يسعى أوّلا إلى وضع هذا المثقف في شرطه المعرفي، وثانيا يحاول نزع تلك الهالة القدسية التي ارتبطت بهذه الشخصية المعرفية في ثقافتنا، ولهذا سنتكلّم هنا بلغة الميديولوجي الفرنسي ريجيس دوبريه،Régis Debray (1940)؛ أي أنّنا سنركز على الوسيط الذي جعل من إدوارد سعيد في الثقافة العربية يحظى بهذا الحضور".
يُشار إلى أنّ د. نورالدين جويني (مؤلّف الكتاب) باحثٌ جزائريّ، حاصلٌ على شهادة دكتوراه في الأدب العربي، ويشتغل أستاذًا بجامعة الجزائر، وقد سبق له نشر العديد من الدراسات النقدية عبر الكثير من المجلات الفكرية والأدبيّة.