يهدف البحث إلى التعرف على الأبعاد الحضارية وسماتها في العهد المكي للتأسِّي والتجديد الفكري والسلوكي والحضاري للأمة فقد عني العهد المكي بتربية الأفراد لتكوين الأمة على أبعاد حضارية دينية وقيمية واجتماعية..، وتناول السيرة النبوية من منظور حضاري يبرز أبعاد الحضارة الإسلامية لمعرفة التحولات العقدية التصورية عن العلاقة مع الله والكون والإنسان وآثارها الحضارية وذلك في العهد المكي وبيان أثره هذه الأبعاد الحضارية في بناء الرعيل الأول من الصحابة وكيفية الاستفادة من هذه الأبعاد للنهوض الحضاري للأمة الإسلامية في العصر لحاضر، ومن دواعي إجراء هذا البحث ما يلاحظ من الهزيمة النفسية التي ظهرت تبعاتها في الدعوة إلى استدعاء الآخر الحضاري والافتتان بقيمه وحضارته كبديل للحضارة الإسلامية مهما كان في ذلك من تخلٍ عن قيم الإسلام ومبادئه. واحتياج السيرة النبوية إلى خدمة علمية كبيرة تتعمق من خلالها المعاني السامية التي تفيد الأجيال الصاعدة؛ لتنمي روحها وعقلها، وفق فهم المؤمنين بها. وتم ذلك من خلال منهج تحليلي استنباطي. وتوصل البحث لنتائج عدة العهد المكي عَنِيَ ببناء الإنسان الحضاري، وخالف ما كان عليه المجتمع الجاهلي في بنيته وتوجهاته، بيد أن العناية المركزة على الفرد جعلت من هذه المرحلة نموذجًا تربويًّا وبناءً حضاريًّا يمثل مرجعية عملية ومنهجًا للتكوين الحضاري لأمة الإسلام وبوصلة تضبط مسيرة عودة المسلمين إليها عندما يتيهون عنها أو تنحط حضارتهم ويُعد التوحيد لهَّ مكانة الرأس من الجسد في البناء الحضاري في العهد المكي، وعلى أساسه ومنه انطلقت كل الأبعاد الحضارية الأخرى بل وسهَّل هذا البعد رسوخ وتنمية الأبعاد الأخرى في نفوس الرعيل الأول، فتغيرت الأفكار واستنارت بنور العلم والمعرفة. ويوصي البحث بإعادة قراءة السيرة النبوية من منظور حضاري؛ ليستلهم المسلمين من خلالها سبل عودتهم للشهود الحضاري والسعي لإقرار مناهج دراسية تعنى بالأبعاد الحضارية في السيرة النبوية بغية الاستفادة منها في وضع دليل إرشادي عملي للنهوض الحضاري للأمة.