من السنن التي عُني بها القرءان الكريم إحالةً وتقريرا 'سنّة التغيير'، وهي سنة إلهية حاكمة في الأفراد والمجتمعات والأمم، والخطاب القرءاني حافل بالآيات التي تصوّر تغيّر أقوام من حال إلى حال، وتحوّل أمم وتقلّبها بين بزوغ وأفول، وازدهار وانحطاط، وفق أسباب وعلل وشرائط موجبة لهذا التغيّر، منشئة لهذا التحوّل والتقلّب، مقتضية له اقتضاء المقدّمات لنتائجها والعلل لمناطاتها، ومن ثم نبّه القرءان الكريم إلى ضرورة قراءة التاريخ قراءة استبصار واعتبار، واستقراء أحوال الأمم الماضية قصد تحصيل هذه السنن وتمحيصها، واستخلاص الأسباب والعلل والقوانين الحاكمة في هذا التغيير، واستثمارها في البناء الحضاري تطويرا وتخطيطا، تشوُّفا لتحقيق مقصد الاستخلاف وإقامة العمران.