ماذا قدمت حركات النهضة في العالم الإسلامي

التصنيف

مقالات متنوعة

التاريخ

26/04/2024

عدد المشاهدات

122

منذ القرن التاسع عشر، نشطت وتطورت العلاقة بين الشرق والغرب في ظل ازدياد التوسع المالي والعسكري للغرب، ولم يكن هذا التوسع عسكرياً أو اقتصادياً فقط، بل امتد تأثيره إلى الثقافة الإسلامية واتخذ أشكالاً من «الغزو» الفكري للعالم الإسلامي، ومن هنا نشأت حركات النهضة الإسلامية لمقاومة الهيمنة الغربية.

 

وحركات النهضة هي كل الجهود الفكرية والحركية المتراكمة التي وضعتها نخب ورموز الفكر الإسلامي والعربي، وأخرجتها على شكل مشاريع تحديث فكرية وسياسية، لتحقيق النهضة الإسلامية المنشودة.

 

مشروعات النهضة الثلاثة

 

حول مشروعات النهضة الفكرية والثقافية، انقسمت تيارات الفكر في العالم الإسلامي إلى 3 تيارات رئيسة: تيار إسلامي يعبر عن فكر المجتمعات الإسلامية وهويتها، وتيار غربي مناهض لتلك المشروعات النهضوية ذات المرجعية الإسلامية، والتيار الثالث تيار التوافق بين التيارين أو المواءمة بين الفكر الغربي المقتبس والفكر العربي الموروث.

 

فالتيار الأول تيار رفض الغرب بالكلية، وهم الإسلاميون والمحافظون أصحاب الفكر العربي الموروث الذي يرى أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلحت بها أولها، وشعارهم «لا يأتي من الغرب ما يسر القلب»، ومضمون فكرهم يقوم على فرضية أن نهضة الأمة لا يمكن أن تحدث دون مرجعيتها الدينية والحضارية، أو وفق تعبير الشيخ محمد الخضر حسين: «إن نهضة مجتمع ما تتم في الظروف العامة نفسها التي تم فيها ميلاده، وكذلك يخضع بناؤه وإعادة بناء للقانون نفسه»، وأخذ هذا الاتجاه عدة أشكال وصلت لحد مقاطعة كل ما هو غربي، وظهر هذا الاتجاه في الأربعينيات من القرن الماضي في مصر والأردن وفلسطين، وأبرز من يمثلون هذا التيار، إضافة إلى الخضر حسين، محمد أحمد الغمراوي، ومحمد الغزالي.

 

وأجاب هؤلاء عن أسئلة كانت حائرة في نفوس جيل الحروب العربية الكبرى، من عينة: كيف نتحرر من التبعية؟ كيف نستطيع مواجهة واقع تأخُّر المسلمين وانحطاطهم؟ كيف نواجه القيم الغربية التي حملها المستعمر؟ وكيف نحقق التقدم وننهض بالأمة؟

 

وإن كانت الأسئلة مشروعة، لكن الاستجابة لها تنوعت بين من قدم إجابات فكرية، ومن اندمج في حركات منغلقة تكفر مجتمعاتها وتصطدم بها وتنظر للشعوب باعتبارها مغيبة عن دينها وحضارتها وترى وجوب المواجهة للمنكر باللسان واليد معاً، لا القلب وحده!

 

ثم نأتي للتيار الثاني التغريبي، وهم الذين انبهروا بالغرب وحضارته ورأوا فيه المخلص من الحالة الراهنة للعالم الإسلامي، ومضمون هذا الاتجاه هو ضرورة التبني الكامل للنظم الغربية والمعرفية والقيمية والتحرر من التراث والمرجعيات الفكرية الذاتية، بل ذهب بعضهم إلى أن التواجد الجغرافي في الشرق يدعو إلى التخلف والركود!

 

انطلق هذا التيار من فكرة التعارض بين تحقيق هوية الأمة، وتحقيق الحضارة الحديثة، وقد اعتبروا أن الحضارة الغربية وصلت للقمة بدون تدين، ولذلك فالتدين أصاب المجتمعات بشلل كبير في جهازها الحضاري.

 

وأبرز الذين يمثلون هذا الاتجاه أحمد لطفي السيد، ومحمد حسين هيكل، وطه حسين، وعلي عبدالرازق، وسلامة موسي، وإسماعيل مظهر.

 

أما التيار الثالث فهو التيار التوافقي الذي يرى التوفيق بين الفكر الغربي المقتبس والفكر الإسلامي الموروث، وعملوا على إيجاد القيم النبيلة داخل الحضارة الغربية وتدعيمها وإيجاد مقابلها في الفكر الإسلامي، ورفض قيم الانحلال الخلقي وتبديل الهوية.

 

احتفظ هذا التيار بعلاقات متوافقة بين التيارين، واعتبروا أن منجزات الحضارة الغربية إهداء من الإنسانية للمسلمين، وعليه فلا غضاضة في قبول الغرب وقبول القيم الديمقراطية شرط توافقها مع قيم الحضارة الإسلامية، وأبرز من مثّل هذا التيار: خيرالدين باشا التونسي، ورفاعة الطهطاوي، ومحمد عبده، وطنطاوي جوهري، ومحمد فريد.

 

ومن هنا شكلت التيارات الثلاثة في العالم العربي رؤية لسبل النهوض انعكست على تيارات فكرية وحركية شملت العالم الإسلامي.

 

سؤال النهضة وتبعاته 

 

لطفًا متابعة القراءة في موقع المجتمع - د. عمرو نافع
الأسس الفكرية لبناء الحضارات الإنسانية وثمراتها الاستثمار الأمثل - دروس ملهمة للأسرة المسلمة