لقد شهدت الأُمّة العربية والإسلامية في السنوات الأخيرة تراجعا مُهْولا في منظومة القيم، وانتشارا غير مسبوق لسلوكيات وانحرافات، باتت تُهدّد المجتمعات العربية بمختلف فئاتها وأعمارها. وانطلاقا من المسؤولية الملقاة على عاتق كلّ باحث غيور على وطنه وأمته، ومن الإيمان بضرورة استعادة القيم الإنسانية والأخلاقية، الّتي أقرّتها جميع الشرائع السماوية، بات من اللازم علينا تتبع هذا التّهاوي القيمي المجتمعي، قصْد الوقوف على أسبابه وعوامله ـــ بشكل عام ــ ثم السعي في إحياء هذه القيم، والعمل على ترسيخها في مجتمعاتنا.
وهذا ـ بلا شكّ ـ ليس بالأمر الهيّن واليسير، مهما حاول المنظّرون والفلاسفة والباحثون، نعم نراه هيّنا ويسيرا متى استنجدنا بشرع ربّنا ﴿ألَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (سورة الملك، الآية: 14) فهو العالم بخلقه وخليقته، وهو الرّحيم بهم. فإذا شرّع لهم شرّع ما يُصلح نفوسهم ويُزكّيها، ويُحقّق مصالحهم في العاجل والآجل. فما أقرب تثبيت القيم الصحيحة، وتعزيزها في النفوس، إذا رُوعيت كليّات الشريعة وحُوفظ على مقاصدها العامّة. وما أبعدنا عن القيم إذا أُهملت بيننا مقاصد الشرع.
وتبعا لهذا التّقديم سأحاول ـ في هذه الورقة البحثية ـ بيان مفهومي المقاصد والقيم، والعلاقة التي بينهما، وأي مشهد لهما في الواقع، وذلك من خلال المطالب والمحاور الآتية:
المطلب الأول: المقاصد الشرعية، والقيم المجتمعية.
المحور الأول: المقاصد الشرعية.
المحور الثاني: مفهوم القيم وأهمّيتها:
المطلب الثاني: المقاصد والقيم: أية علاقة، وأي مشهد لهما في الواقع.
المحور الأول: العلاقة بين المقاصد والقيم.
المحور الثاني: أي مشهد للمقاصد في الواقع.
المحور الثالث: أي مشهد للقيم في الواقع.
المطلب الثالث: المقاصد والتربية على القيم.
المحور الأول: مقصد حفظ التّدين في الأسرة.
المحور الثاني: مقصد إقامة العدل.
المحور الثالث: مقصد حفظ مال الأمة.
المحور الرابع: مقصد حفظ الأخلاق.
المحور الخامس: مقصد التعاون والتّضامن.
تساؤلات البحث: