التجدد الحضاري: دراسات في تداخل المفاهيم المعاصرة مع المرجعيات الموروثة

التجدد الحضاري: دراسات في تداخل المفاهيم المعاصرة مع المرجعيات الموروثة
فكرة الكتاب ومحاوره الأساسية
  • ينطلق الكتاب من فرضية أنّ التجدد الحضاري وإعادة البناء المؤسسي ليسا مفصولين، بل هما وجهان لعملة واحدة في فكر طارق البشري. 
  • يركّز على استكشاف كيف يمكن للأمة – في سياقها المعاصر - أن تتعامل مع “الموروث” و”المعاصرة” بطريقة لا تُفقد فيها الهوية، ولا تتخلى عن تجديدها. بمعنى: كيف يمكن أن تجمع الأمة مع اختلافها ولم تعد تفترق؟ وكيف تتوازن بين الوجود والحركة؟ 
  • يتناول ثنائيات مثل: العروبة والإسلام، الديمقراطية والإسلام، الداخل والخارج، الهوية والسياسة، الدعوة والسياسة، الدولة والمدنية… تلك الثنائيات التي يرى الكاتب أنها تشكل عائقًا أمام التجدد الحضاري إذا تم التعامل معها بتصلّب أو تجزئة.
  • يتضمّن مجموعة دراسات (11 دراسة تقريبًا في الطبعة) تمت بين سنوات 1989 و2013، تُقدّم تحليلات وتشخيصات لجذور الأزمة الراهنة، ملامحها، عواقبها، وسبل المعالجة. 
القيمة والأهمية
  • الكتاب يُعدّ مرجعًا مهمًا لمن يرغب في فهم التحديات الحضارية التي تواجه الأمة في هذا العصر، بمنظور يجمع بين التمسّك بالمرجعيات والوعي بمتطلبات المعاصرة.
  • يساعد على إبراز التناغم بين الفكر التراثي والإطار المعاصر بدلًا من التفكيك التام أو التبعية العمياء.
  • يُسهّل على القارئ فهماً منهجياً لإشكاليات التجديد والإصلاح المؤسسي ضمن سياقات اجتماعية وسياسية وثقافية معاصرة.
غير متوفر للتحميل

كتب سعيد الحاج عن كتاب "التجدد الحضاري .. دراسات في تداخل المفاهيم المعاضرة مع المرجعيات الموروثة"، للمستشار طارق البشري:
- هو كتيب، كتاب من الحجم الصغير، يضم عدة أوراق قدمها المستشار طارق البشري في عدد من المؤتمرات والندوات العلمية على مدى سنوات، أغلبها قبل الربيع العربي، وبعضها خلاله.
- تتسم هذه الأوراق ببعدها عن الأحداث السياسية الآنية، للبحث فيما هو أعمق، أي المشاكل الفكرية المزمنة التي تعيق النهضة أو "التجدد الحضاري" كما يسميه البشري.
- يحاول البشري في كتابه تبسيط بعض المفاهيم الإشكالية في الحياة السياسية المصرية خصوصاً والعربية عموماً، مثل الدولة الإسلامية والعلمانية والديمقراطية والمواطنة ..الخ.
- تتسم كتابات المستشار بعمق تاريخي وتأصيل علمي ولغة أكاديمية راقية، بعيداً عن السطحية والشعبوية، ويبدو واضحاً إلمامه بالتاريخ والفقه والقانون بحكم دراسته وعمله، فضلاً عن الفكر الإسلامي بشكل عام.
- يرسم البشري في كتابه "خريطة مقارنات" إن جاز لي التعبير، بين الإسلاميين والعلمانيين، والإسلاميين والقوميين، والإسلام والعلمانية، والشورى والديمقراطية، كما يوضح الحدود الفاصلة بين بعض المفاهيم "المتشابهة" أو المستعملة أحياناً كمترادفات - بشكل خاطئ طبعاً - في الحياة السياسية، مثل العلمانية والديمقراطية، بأسلوب علمي واضح.
- في أغلب إن لم يكن كل أوراقه، يفضل الدكتور البشري الانتقال سريعاً - وأحياناً مباشرة - إلى ما بعد المفاضلة بين المصطلحات وشرح ميزات وعيوب كل منها (يعتبر أن الباحثين أوسعوها بحثاً) إلى الحلول أو المقترحات العملية.
- رؤية البشري بشكل عام هي الجمع بين ما قد يظهر على أنه متضادات، وتبيان أن الالتقاء على الصالح العام ممكن جداً. يبدو ذلك في حديثه عن الإسلام والعلمانية أو ما يسميه "الموروث والوافد" رغم أنه لا يخفي إسلاميته ولا يجامل على حساب النقد العلمي الموضوعي، كما يتضح بشكل أكبر حين يرى أن الخصومة بين الإسلاميين والقوميين (الإسلام والعروبة) طارئة ولا أسباب جوهرية لها.
- في الكتاب بعض الأفكار الجميلة التي يصوغها البشري بأسلوبه الراقي، مثل تبيان إشكالية المقارنة بين ديمقراطية العالم العربي والديمقراطية الغربية (لاختلاف الصيرورة التاريخية والمرجعية)، وتوضيح دورنا نحن - كشعوب عربية - في ترسيخ الحدود المصطنعة التي رسمها الغرب المستعمر، والمشاكل "البنيوية" العميقة والمستفحلة في الدولة العربية الحديثة.
- نفى البشري مثلاً في الكتاب فكرة "جمود الفقه" على مدى قرون - خاصة في عهد الدولة العثمانية - كعلم وكرجال، وأرجع ذلك إلى جمود الحالة السياسية والثقافية والاجتماعية التي أدت إلى تناقص وتضاؤل القضايا المتجددة أمام الفقه والفقيه، بمعنى أن جمود الفقه نتيجة للحالة السياسية آنذاك لا سبب لها برأيه.
- وفي مقارنته بين الشورى والديمقراطية يؤكد المؤلف مراراً على ضرورة التفريق بين الإطار المرجعي والنماذج التنظيمية وأساليب الترجيح، بمعنى أنه يقبل الديمقراطية كمنظومة إجرائية دون منظومتها المرجعية التاريخية والثقافية، فتتم الاستفادة من الآليات الديمقراطية في اختيار الحاكم ومحاسبته وتمثيل الشعب ..الخ بينما يبقى الإسلام هو المرجعية (وهي الفكرة التي ينقضها ويرفضها د. وائل الحلاق مثلاً في كتابه الأشهر "الدولة المستحيلة" معتبراً أن الدولة الحديثة "منتج" حديث وغربي لا يمكن أن يلتقي مع الإسلام كمنظومة أخلاقية).
- قدم الدكتور البشري ورقة مهمة في تقييم الشهور الأولى للثورة المصرية، أوضح فيها بشكل ذكي ومبكر مشكلة القوى الثورية (النخبة السياسية) التي غفلت عن المشاكل الرئيسة في البلاد، واتجهت للمعارك الهامشية والجانبية (معارك الهوية والدستور والاختلافات الناشئة عن ذلك)، وهي فكرة تجدها لدى د. عزمي بشارة (في كتيبه: في الثورة والقابلية للثورة) وغيره، وأعتقد أنها حجة على الإسلاميين بشكل عام.
- يقدم الكتاب الدكتورَ البشري للقارئ قامة إسلامية سامقة، عميقة الفكر، هادئة التفكر، غير متحزبة ولا غاضبة، وقادرة على رؤية ما هو أبعد وأعمق من اللحظة الآنية، وراغبة في جمع الشمل وبناء المستقبل.
- يمكن اعتبار هذا الكتاب - وأشباهه - تعريفاً بالبشري كأحد رواد جيل قديم - متجدد من الإسلاميين بدأ يبحث عن المشاكل والمعضلات الحقيقية أبعد وأعمق من الأحداث السياسية الآنية السيالة، وهو جهد يعول عليه ولا شك.
- الكتاب فرصة لمن أراد مقدمات عامة - لكن عميقة نوعاً ما - حول المشاكل الفكرية والمعيقات المزمنة لحركة التجديد الحضاري، ولمن أراد الإطلاع على إرث الدكتور البشري ومنتجه الفكري بشكل سريع.
- كما لن يجد الباحث عن حلول سريعة وعملية وناجزة إجابات واضحة ومحددة عن أسئلته، وأعتقد انها غير موجودة حتى الآن، فيكفي الكتاب وأشباهه الإشارة إلى الأسئلة الصحيحة والمشاكل الحقيقية، وتبقى الحلول والإجابات مشروعاً لاحقاً ومستقلاً.
- إحدى مشكلات الكتاب هو أنه تجميع لعدة أوراق في مؤتمرات مختلفة لكن قريبة الموضوع من بعضها البعض، ولذلك يشعر القارئ بالتكرار في بعض الأوراق، بل ربما شعر أن ورقتين تحديداً نسختان متطابقتان من بعضهما البعض، وهو أمر كان ينبغي للمحرر أن يتنبه له ويتجنبه.
- اختصاراً، هو كتاب أنصح به، سيما إذا ما أضيف إليه بعض الكتب الأخرى التي تبحث نفس الموضوعات، وهو بكل الأحوال سلس وسهل على القراءة السريعة.