المرأة في الأحاديث النبوية قراءة مقاصدية

التصنيف

المقالات

التاريخ

23/02/2024

عدد المشاهدات

6324

تقديم

كثيرة هي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تحدَّث فيها عن طبيعة المرأة وبعض خصائصها، فتلقتها أفهام طائفة من الفقهاء والمفسرين والمحدثين بشروحات تتهم المرأة وتسيء إليها، وبأحكام تعد المرأة كمًّا مهملاً محجوراً عليه وتعطل دورها الحضاري في بناء مستقبل الأمة، وبتأويلات بعيدة كل البعد عن المنهج الرباني المتصف بالعدل والرحمة، الذي ألفناه نموذجاً تطبيقياً في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ظلت هذه الأحاديث النبوية موضع الرفض والتشكيك من قبل دعاة تحرير المرأة والحركات النسوية الذين يرون في الفقه الإسلامي تأويلاً ذكورياً لأحكام الشريعة وتحيّزاً ضد المرأة ينبغي مساءلته واتهامه.

 فكيف إذن نتعامل مع مثل هذه الأحاديث النبوية؟

أنُضَعِّفُها ونردها لأنها تعارض ما قرره القرآن الكريم من قواعد المساواة بين الرجل والمرأة من حيث الحقوق والتكاليف والجزاء والحساب؟ فهي صحيحة عند الشيخين البخاري ومسلم وغيرهما.

 أم نقرأ الأحاديث ونفهم معانيها وفق مقاصد الوحي، وتوجيهات الشرع ووصل الجزئيات بالكُلِّيَّات؟ وهل اتباع السُنَّة الشريفة يستوجب أن نطبقها تطبيقاً حرفياً، ونعطِّل علاقة تبعية السنة للكتاب؟

أم إنها تُدْرَك بالنظر إلى مقاصد فعله صلى الله عليه وسلم وخصوصية الظرف وسياق الحال؟

تعتبر هذه الدراسة محاولة لتصحيح سوء التأويل الذي أدرك أحاديث نبوية تخصُّ المرأة، كما تهدف إلى فهم شمولي وفق الرؤية القرآنية لسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكون مفتاحاً لرؤية تجديدية حول قضية المرأة ومظلوميتها.

المبحث الأول: المرأة بين النقص والكمال

روى الإمام البخاري عن أبي موسى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ ))[1]، فما معنى الكمال؟

يُقصد به في اللغة كما ورد عند ابن فارس "كمل: الكاف والميم واللام أصلٌّ صحيح يدلُّ على تمام الشيء، يقال: كَمَل الشيءُ وكَمُلَ فهو كاملٌ أي تامٌ"[2]

ويرى الإمام النووي أن "لفظة الكمال تُطلق على تمام الشيء وتناهيه في بابه، والمراد هنا التناهي في جميع الفضائل وخصال البر والتقوى"[3].

إن حقيقة الكمال من خلال حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بلوغ المرأتين النهاية في جميع الفضائل التي تخص النساء، هذا ما اتفق عليه شراح الحديث والفقهاء، لكنهم اختلفوا في دلالة صيغة الحصر على رأيين:

أولاً: كمال النبوة قبل زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر "استدل بهذا الحصر على أنَّهما نبيَّتان لأن أكمل النوع الإنساني الأنبياء ثم الأولياء والصديقون والشهداء، فلو كانتا غير نبيَّتين لَلَزِم ألا يكون في النساء ولِيَّة ولا صِدِّيقة ولا شهيدة، والواقع أن هذه الصفات في كثير مِنهنَّ موجودة، فكأنّه قال ولم ينبأ من النساء إلا فلانة وفلانة، ولو قال لم تثبت صفة الصِدِّيقيَّة أو الولاية أو الشهادة إلا لفلانة وفلانة .. وعلى هذا فالمراد من تقدَّم زمانه صلى الله عليه وسلم[4].

ثانياً: نموذج الكمال في الفضائل وبلوغ التمام في خصال الخير يقول القاضي عياض: وليس يُشعِر الحديث بأنه لم يَكْمُل ولا يَكْمُل ممن يكون في هذه الأمة غيرهما... إذا قلنا إنهما صدِّيقتان لم يمنع أن يَكْمُل من هذه الأمة غيرهما.[5]

إذن يسوق لنا الحديث نموذجين ونوعين للكمال على سبيل التأسي والاقتداء لا الحصر كما قال الإمام الصنعاني: "وليس في الاقتصار عليهما حصر للكمال فيهما[6]. وهذا المعنى ينسجم مع ما جاء عند الترمذي عن أَنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حَسْبُكَ من نساء العالمين: مريم ابنة عمران، وخديجَة بنت خوَيلد، وفاطمة بِنت محمد، وآسية امرأة فرعون"[7]. علق عليه صاحب التحفة بقوله: "(حَسْبُك) أي يكفيك (من نساء العالمين)؛ أي الواصلة إلى مراتب الْكاملين في الِاقتداء بهن وذكر محاسنهنّ ومناقبهنّ وزهدهنّ في الدنيا وإِقبالهن على الْعُقْبَى"[8].

وبالرجوع إلى كتاب الله تعالى نجد ذكر مريم وآسية في قوله تعالى: ﴿ وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِي عِندَكَ بَيۡتٗا فِي ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ١١ وَمَرۡيَمَ ٱبۡنَتَ عِمۡرَٰنَ ٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَٰنِتِينَ ١٢ ﵝالتَّحۡرِيم : ﵑﵑ - ﵒﵑﵜ ا . المثل والأسوة هنا للرجال والنساء كما يرى ابن عاشور "وجاء أحد المثلين للذين آمنوا مثلاً لإِخلاص الإِيمان. والمثل الثاني لشدّة التقوى، فكانت امرأة فرعون مثلاً لمتانة إيمان المؤمنين ومريم مثلاً للقانتين"[9].

يتضح مما سبق أن:

-  الحديث النبوي ذكر نماذج للكاملات، وموافقة لما ورد في القران الكريم حين ضرب المثل للمرأة المسلمة بمريم وآسية الصالحتين.

- الحديث النبوي لا يقرر نَدْرَة الخير وشُحَّه في جنس النساء، وإنما يُبَيِّن نماذجَ نوعيةً لصلاح المرأة وكيفية سلوكها إلى الله تعالى. فلِمَ مريم وآسية نموذجاً؟

الأولى طفلة كانت الكرامات تظهر على يدها، أعظمها لزوم العبادة، حتى تتعلم النساء أن الله عز وجل كما يصطفي من الرجال عباداً يصطفي من النساء إماء، وأن باب كرمه مفتوح للمرأة كما هو مفتوح للرجل.

الثانية مؤمنة في بيت كافر، حافظت على فِطرة نبي الله موسى وغذتها رغم البيئة الملوَّثة، ما ضرَّها فجور الزوج الكافر، لتُوقِنَ النساء أن المرأة لا يرفعها ولا يحطها إلا عملها، وأن الصلاح الأُخروي ما هو وقف على من كان والدهن صالحاً، أو كفلهن وتزوجهن رسول.

المبحث الثاني: نقصان عقل ودين المرأة

عن أبي سعيد الخدري قال (( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ، فَقُلْنَ وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ، قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلَى. قَالَ: فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ قُلْنَ: بَلَى قَالَ فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا))[10]، وفي رواية مسلم: ((...فقالت امرأة منهن جزلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: ((تُكثرن اللَّعن، وتكفُرْنَ الْعشير...))[11].

اختلف في فهم الحديث بناءً على اعتبارات متعددة، منها: الالتزام بحرفية النص، أو النظر للسياق العام، أو فهمه على ضوء القرآن.

يربط الإمام ابن حجر أول الحديث بآخره، ويعلل دخول النساء النار بقوله" (.. من ناقصات) صفة موصوف محذوف.... وَيَظهر لي ذلك من جملة أسباب كونهن أكثر أهل النار، لأنهن إذا كُنَّ سبباً لإذهاب عَقْل الرجل الحازم حتى يفعل أَوْ يَقُولَ مَا لَا يَنْبَغِي فَقَدْ شاركنه في الإثم وزدن عليه"[12].

ثم يعتبر سؤال النساء دليلاً عاماً وجازماً على نقصانهن إطلاقاً فيقول: قلن: (وَما نقصان ديننا)؟ كأنه خفي عليهن ذلك حَتى سألن عنه، ونفس السؤال دالٌ على النقصَان، لأنهن سلَّمْنَ ما نُسب إِليهن من الْأمور الثلاثة: الإكثار وَالكفران والإذهاب، ثم استشكلن كونهن ناقصات. وما ألطف ما أجابهن به صلى الله عليه وسلم..لأن الاستظهار بأخرى مُؤْذِنٌ بقلة ضبطها، وهو مشعر بنقص عقْلها"[13].

وهنا يُطرح السؤال: هل تدخل المرأة النار لأن بعقلها نقصاً، ولأنها مسؤولة عن معصية الرجل؟ وهل هي ناقصة لأنها تسأل، والسؤال ورد هنا بصيغة الاستفسار وليس الاستشكال؟ كيف والسائلة كما جاء عند مسلم جَزْلَة " أي ذات عقل ورأي، والجزالة العقل والوقار" كما قال الإمام النووي [14].

استنبط بعض العلماء من الحديث فوائد تؤكد أفضلية الرجال وسفاهة النساء منها:

يقول الإمام النووي "من كَثُرَت عبادته زاد إيمانه ودينه، ومن نقصت عبادته نقص دينه. ثم نقص الدين قد يكون .. على وجه هو مكلَّف به كترك الحائض للصلاة والصوم، فإن قيل: كانت معذورة فهل تُثاب ...فالجواب أن ظاهر هذا الحديث أنها لا تثاب"[15]

ويرى الإمام ابن حجر "وليس المقصود بذكر النَّقْصِ فِي النساء لَوْمَهُنَّ عَلَى ذلك، لأنه من أَصْلِ الخِلْقَة، لَكن التنبيه على ذلك تحذير من الافتتان بهن، ولهذا رتَّبَ الْعذاب عَلَى مَا ذكر من الكُفران وغيره لا على النقص"[16].

ومن فوائد الإمام ابن بطال "وفيه أن للعالِم أن يُكَلِّم من دونه من المتعلمين بكلام يكون عليهم فيه بعض الشِّدَّة والتنقيص في العقل ...وفي الحديث ترك العَتَبِ للرجل أن تغلب محبة أهله عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد عذره بقوله: أذهب للب الرجل الحازم مِنكُنَّ، فإذا كنَّ يغلبن الحازم فما الظن بغيره[17].

استنتج الإمام القرطبي "إنما كان النساء أقل ساكني الجنة لما يغلب عليهن من الهوى والميل إلى عاجل زينة الدنيا لنقصان عقولِهنَّ أن تنفذن بصائرها إلى الأخرى، فيضعفن عن عمل الآخرة والتأهب لها، ولميلهن إلى الدنيا والتزين بها ولها، ثم مع ذلك هُنَّ أقوى أسباب الدنيا التي تصرف الرجال عن الأخرى لما لهم فيهن من الهوى والميل لهن، فأكثرهن مُعْرِضَات عن الآخرة بأنفسهن صارِفات عنها لغيرِهِنَّ، سريعات الانخداع لداعيهنَّ من المعرضين عن الدين، عسيرات الاستجابة لمن يدعُوهُنَّ إلى الأخرى وأعمالها من المتقين"[18].

من خلال ما سبق يظهر أن المرأة جُبِلَت على النَّقص وخِفَّة العقل والسفاهة، فرُفِعَ العتب عن الرجل وعُذِرَ، ولم يُلتمس لها العذر فصارت ناقصة دين لأنها لا تقرب الصلاة أيام الحيض امتثالاً لأمر ربها. فلماذا تستوي مع الرجل في التكليف والحساب إذن؟

الواجب أن تُفْهَم السُّنَّة النبوية على ضوء القرآن الكريم، وتُسْتَصْحَب في فهم أحكامه العامة وتوجيهاته، وليس اجتزاء أحاديث متفرقة من سياقها العام وفهمها فهماً ضيقاً، لأنه لا يستقيم أن يصدر هذا الحكم الجاهز على جنس النساء من نبي الرحمة الذي أُوتِيَ جوامع الكلم ومفاتيح البلاغة، وهو الذي أحسن إلى المرأة، وأوصى بها خيرا، ًكما تدل على ذلك السُنَّة العملية.

ثم إذا رجعنا إلى القرآن الكريم نجد قاعدة عامة في التفاضل يقول تعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً  وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل: ٍ97]، يعلق الإمام الطبري على الآية قائلاً  "من عمل بطاعة الله، وأوفى بعهود الله إذا عاهد، من ذكرٍ أو أنثى من بني آدم، وهو مؤمن: وهو مصدقٌ بثواب الله الذي وعد أهل طاعته على الطاعة، وبوعيد أهل معصيته على المعصية ﴿فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً"[19].

 أما الإمام ابن عاشور فيقول في تفسيره قوله تعالى﴿ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى﴾" تبيين للعموم الذي دلت عليه (مِنْ) الموصولة، وفي هذا البيان دلالة على أن أحكام الإسلام يستوي فيها الذكور والنساء، عدا ما خصَّصَه الدين بأحد الصنفين، وأكَّدَ هذا الوعد كما أكَّد المبيّن به".[20]

يتضح من كلام المفسرين أن الآية تساوي بين الذكر والأنثى في جزاء الأعمال شريطة الإيمان، ويتضمن خطاب الآية استعداداً فطرياً للمرأة لطلب الكمال الإيماني والترقي في مراتب الدين كما الرجل، فلا ترجح كفة أحدهما إلا بالعمل الصالح.

وفي القرآن الكريم أيضاً يتحدث الله تعالى عن بعض صفات الإنسان الطبع البشري فيقول ﴿إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ [العاديات: 6]،  يفسرها الإمام ابن عاشور بقوله "والتعريف في الإنسان تعريف الجنس، وهو يفيد الاستغراق غالباً، أي أن في طبع الإنسان الكُنُود لربه، أي: كفران نعمته، وهذا عارض يعرض لكل إنسان على تفاوتٍ فيه، ولا يسلم منه إلا الأنبياء، وكُمَّل أهل الصلاح، لأنه عارضٌ ينشأ عن إيثار المرء نفسه، وهو أمر في الجبلة لا تدفعه إلا المراقبة النفسية وتذكر حق غيره. وبذلك قد يذهل أو ينسى حق الله، والإنسان يحسّ بذلك من نفسه في خطراته، ويتوانى أو يغفل عن مقاومته، لأنه يشتغل بإرضاء داعية نفسه، والأنفس متفاوتة في تمكّن هذا الخُلُقُ منها، والعزائم متفاوتة في استطاعة مغالبته"[21].

يتضح إذن أن كفر النعمة خلقٌ متأصلٌ في الإنسان، وطَبْعٌ متعلقٌ بالنفس البشرية عامة غير مخصوص بالأنثى فقط.

أما استدلالهم على قصور شهادة المرأة في آية الدَّيْنِ ﴿فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ﴾ [البقرة:282]، فالمقصد من الآية ليس التنقيص من عقل المرأة أو اتهامها، لأن الشرع أجاز شهادتها دون الرجل في مواضع عدة، وإنما المقصد كما يقول الإمام ابن عاشور "وجيء في الآية بـ (كان) الناقصة مع التمكن من أن يقال: فإن لم يكن رجلان، لئلا يُتَوَهَّمَ منه أن شهادة المرأتين لا تقبل إلا عند تعذر الرجلين كما توهمه قوم، وهو خلاف قول الجمهور، لأن مقصود الشارع التوسعة على المتعاملين، وفيه مرمى آخر وهو تعويدهم بإدخال المرأة في شؤون الحياة، إذ كانت في الجاهلية لا تشترك في هذه الشئون فجعل الله المرأتين مقام الرجل الواحد وعلل ذلك بقوله ﴿أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ﴾[البقرة:282]، وهذه حيطة أخرى من تحريف الشهادة، وهي خشية الاشتباه والنسيان لأن المرأة أعف من الرجل بأصل الجبلة بحسب الغالب، والضلال هنا بمعنى النسيان"[22].

وبالرجوع إلى ما ذُكِرَ في مناسبة الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم (فِي أَضْحى أَوْ فِطْرٍ)، يتضح أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان في المسجد يعلّم الصحابيات ويعظهنّ ويعالج الأخطاء اليومية، خاصة بعدما اشتكى المهاجرون لرسول الله تبدل أحوال نسائهم، كما عبَّرَ عن ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بقوله "وكُنَّا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم. فطفق نساؤنا يأخذن من أدب الأنصار"[23] .

وفي يوم العيد يخص رسول الله النساء بالموعظة التي جاءت على صيغة تعجُّب من حال الضعيفة القليلة الخبرة بخصام الناس وشدائد الحياة التي تغلب الأقوياء، تعجُّبٌ من قدرة الله الذي غَلَّبَ الضعيفات بلباقتهن وحب أزواجهن لهن فيُطِيعُوهُنَّ، كما يقول الإمام العيني عندما سُئِلَ: "أليس ذلك ذماً لهنَّ؟ قلت: لا، وإنما هو على معنى التعجُّب بأنهنّ مع اتصافهنّ بهذه الحالة يفعلن بالرجل الحازم كذا وكذا"[24].

الحديث إذن كلمة رقيقة وجهها رسول الله إلى النساء، جاءت في صيغة تعجب وانبساط يوم العيد. وهل يُعْقَلُ أن َيَغُمَّ نبي الرحمة المرأة ويحزنَها يوم الفرح بالله، وفي مناسبة السرور والبهجة، أو يسيء الظنّ ببنات آدم اللواتي أكرمهن الله تعالى على يديه، وهو الذي أمر النساء بالخروج ليشهدن معه العيد، كما روي عن أم عطية قالت ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرِجوا العواتقَ وذواتِ الخدورِ ليَشْهدنَ العيدَ ودعوةَ المسلمينَ وليجتنبنَّ الحُيَّضُ مصلَّى النَّاسِ))[25]، فإنما أخرجهن ليبشرهن بالخير ويكرمهن، وليعلم النساء أنهن ركيزة أساسية في التغيير، وفي بناء حاضر ومستقبل الأمة، وهو ذو القلب الرحيم صاحب الذوق الرفيع عليه أزكى الصلاة والتسليم. إذن ما الغرض من ذكر هذا الحديث؟

ليس في الحديث حكم قاطع جازم ببوار جنس النساء بالنظر إلى ما أقره القرآن الكريم من مبادئ عامة تعدل بين الرجل والمرأة في العطاء والجزاء، فلو سبق عند الله في حقهن الهلاك فما الجدوى من التربية والتوجيه؟

جاء الحديث في سياق تعليمي لأن اجتماع النساء في العيد مناسبة للوعظ والنصح عبر التنبيه على بعض العيوب والطباع المذمومة، والتحفيز على البذل والعطاء، وليس للفضيحة وسوء الظن بالمرأة وتوجيه اللوم والتوبيخ.

المبحث الثالث:أصل خلق المرأة

أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا))[26].

يُفَسِّرُ ظاهر الحديث مجمل القرآن، حيث قال الله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ [الأعراف: 189]، بَيَّن أن حواء خُلِقَت من ضلع آدم، غير أن بعض العلماء فهموا الحديث فهماً حرفياً. فالمرأة عوجاء مطلق الاعوجاج في أصل خِلقَتِها وطبعها، والرجل هو الاستقامة. وكأن رسول الله الذي أُوتيَ جوامع الكلم لا يُفهم حديثه إلّا متحيزاً ضد المرأة، ومهيناً لها، وهو الذي أوصى بها ودارى وأحسن إليها.

يقول الإمام ابن حجر "المعنى أن النساء خُلِقْنَ مِنْ أَصْلٍ خُلِقَ مِنْ شيء معوج، وهذا لا يخالف الحديث الماضي من تشبيه المرأة بالضلع، بل يستفاد من هذا نكتة التشبيه، وأنها عوجاء مثله لكون أصلها منه ...قوله (وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) ذكر ذلك تأكيداً لمعنى الكسر، إشارة إلى أنها خلقت من أعوج أجزاء الضلع مبالغةً في إثبات هذه الصفة لهنّ...وفي الحديث ...سياسة النساء بأخذ العفو منهنّ والصبر على عوجهنّ، وأن من رام تقويمهنّ فإنه الانتفاع بهنّ مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه، فكأنه قال: الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها"[27]

أما الإمام النووي فيرى أن "في هذا الحديث ملاطفة النساء والإحسان إليهنّ، والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهنّ بلا سبب، وأنه لا يطمع باستقامتها"[28]

ويستنبط الإمام ابن العربي منه "فضّل الله تعالى الذكر على الأنثى من ستة أوجه؛ الأول: أنه جُعل أصلها وجُعلت فرعه، لأنها خلقت منه، كما ذكر الله تعالى في كتابه. الثاني: أنها خلقت من ضلعه العوجاء"[29]

أما الإمام الشوكانيُّ فيؤكد أن "الفائدةُ في تشبيه المرأة بالضِّلع التنبيه على أنَّها معوَّجة الأخلاق، لا تستقيم أبدًا، فمن حاول حملَها على الأخلاق المستقيمة أفسدَها، ومَن تركَها على ما هي عليه من الاعوجاج انتفع بها، كما أنَّ الضِّلع المعوج ينكسر عند إرادة جعلِه مستقيمًا وإزالة اعوجاجه، فإذا تركه الإنسانُ على ما هو عليه انتفعَ به"[30]

وهنا يحق لنا أن نتساءل: هل من العدل الإلهي أن يَجْبِلَ المرأة على الاعوجاج في الطبع والخلق، ثم يجعلها متساوية للرجل في التكليف والحساب وأمينة على الفطرة؟ علماً أنّ عموم القرآن الكريم كرَّم الإنسان بحسن الخُلُق والخِلْقَة، امرأة كانت أم رجلاً، وفق المبدأ القرآني ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]، وبهذه الرؤية القرآنية نفهم سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 في هذا الإطار يقول الإمام الشنقيطي "شاملٌ لخلق الإنسان حسّاً ومعنى، أي شكلاً وصورةً وإنسانيةً... والإنسان وإن كان لفظاً مفرداً إلا أنه للجنس بدلالة قوله: ﴿ثُمَّ رَدَدۡنَٰهُ أَسۡفَلَ سَٰفِلِينَ ٥ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ﵝالتِّين : ﵕ - ﵖﵜ "[31].

ويستفيد ابن عاشور من الآية "أن الإنسان مفطورٌ على الخير، وأن في جبلته جلب النفع والصلاح لنفسه، وكراهة ما يظنه باطلاً أو هلاكاً، ومحبة الخير والحسن من الأفعال"[32]

فالمرأة من المنظور القرآني مفطورة على خصال البر لا على الاعوجاج إذن. ومن التجَّني على اللغة وبلاغتها ومقاصد الشرع وطبيعة المرأة أن يًفهم الاعوجاج في الحديث سوء وخسة في المرأة، ونقمة وبلية على الرجل تحملها. فهم لا يستقيم مع الرؤية القرآنية ولا مع سنة رسول الله العملية.

 جملة القول في الحديث إن "الاعوجاج في الضلع كناية عن الاختلاف بين الرجل والمرأة في التركيبة النفسية ...إن اختلاف نفسية المرأة وغلبة العاطفة عليها إن غلب على الرجل المنطق العقلي مزية وتكامل، لا يصح أن نُنْقصها لمكان تركيبتها النفسية إلا لو صح أن نلومها على اختلاف تركيبها الجسمي. اعوجاجها الضلعي هو استقامتها، هو انحناء معنوي وحنو، هو عاطفة ورحمة"[33].

وعليه فالحديث وصية نبوية ومداراة، مقصده الرفق بالمرأة وحسن معاملتها، تحقيقاً للتساكن الذي أراده الله تعالى أن يعمَّ كما في قوله تعالى ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ [الروم: 21].

المبحث الرابع: فتنة النساء

روى الإمام مسلم في صحيحه عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما تركتُ بعدي فتنة هي أضرّ على الرجال من النساء))[34]

كثيراً ما يستشهد الناس – الفقهاء منهم والعوام –بهذا الحديث للتنقيص من قَدْرِ المرأة، فماذا تعني الفتنة؟

 جاء في مقاييس اللغة "فتن الفاء والتاء والنون أصل صحيح يدل على ابتلاء واختبار ومن ذلك الفتنة ... وفتنت الذهب بالنار، إذا امتحنته .." [35]، يتطابق هذا الكلام مع المعنى القرآني للكلمة، فالفتنة شدة ومصائب من فعل الله تعالى الـمَقْضِي الـمُقَدَّر، ومن فعل الناس يصيبهم بأس الله تعالى ويظهر بينهم الفساد بما كسبت أيديهم.

الفتنة إذن اختبار له معنى وهي أنواع مختلفة حذر منها القرآن الكريم ونبه عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سمي بأحاديث الفتن في تصنيفات المحدثين. يُفتن الإنسان ذكراً أو أنثى بالمال وحب الشهوات وقسوة القلب ...كما تنزل الفتن التاريخية على ميعاد بين قدر الله وانحطاط العباد كما جاء في حديث أبي هريرة ((بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم))[36]، أشدها فتكاً بأمة الإسلام الفرقة واقتتال المسلمين فيما بينهم والتكالب على السلطة.

فما موقع فتنة النساء الواردة في الحديث من الفتن الأخرى؟

يرى الحافظ ابن حجر أن "الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن، ويشهد له قوله تعالى ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [آل عمران: 15]، فجعلهن من حب الشهوات، وبدأ بهن قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك... وقد قال بعض الحكماء: "النساء شر كلهن، وأشر ما فيهن عدم الاستغناء عنهن"[37].

  ويعلل المباركفوري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أضر على الرجال من النساء)) لأن الطباع كثيراً تميل إليهن، وتقع في الحرام لأجلهن، وتسعى للقتال والعداوة بسببهن، وأقل ذلك أن تُرَغِّبَه في الدنيا، وأي فساد أضر من هذا؟[38].

يبدو أن المرأة أصل كل الفتن وأم كل البلايا التي تقع للرجل وهو بريءٌ وغير مسؤول عن كل ذلك، يضيف الإمام القرطبي مؤكداً شر النساء أثناء تفسيره لقول الله تعالى ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ "ففتنة النساء أشد من جميع الأشياء. ويقال: في النساء فِتْنَتَان ...فإحداهما أن تؤدي إلى قطع الرحم، لأن المرأة تأمر زوجها بقطعه عن الأمهات والأخوات، والثانية يُبتلى بجمع المال من الحلال والحرام وذلك لينال رضاهنّ .. وروى عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا تُسْكِنوا نساءكم الغرف ولا تعلموهن الكتاب)). حذَّرَهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن في إسكانهنَّ الغرف تطلعاً إلى الرجال، وليس في ذلك تحصينٌ لهن ولا ستر، لأنهن قد يُشْرِفْنَ على الرجال، فتحدث الفتنة والبلاء... وفي تعلمهن الكتاب هذا المعنى من الفتنة وأشد"[39].

وهل يعقل أن تُتَّهم المرأة في كتاب الله تعالى؟ ليس ذلك هو المقصد من كلام رب العالمين، أيجوز شرعاً تعميم الحكم على جنس النساء بفساد وخسة الطبع والخلق، والتحريض على حبسهن؟

لا بد من توضيح المسألة من أوجه عدة:

أولاً: إن ميل الرجل إليها وتعلّقه بها جعله الله تعالى مركوزاً في الفطرة، والمقصد منه هو استمرار الإنسان كما يقول الإمام ابن عاشور "وضعه الله تعالى (أي الميل) لحكمة بقاء النوع بداعي طلب التناسل، إذ المرأة هي موضع التناسل، فجعل ميل الرجل إليها في الطبع حتى لا يحتاج بقاء النوع إلى تكلُّف ربما تعقبه سآمة"[40].

ثانياً: لا تُمنع الفتنة بحبس المرأة وتواريها عن الأنظار، إذ ليس في سُنَّة رسول الله القولية ولا العملية ما يدعو إلى سجن المرأة وتجهيلها، أو يفيد سوء الظن بها.

ثالثاً: حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي عزَّز به الإمام القرطبي الآية موضوعٌ ومكذوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أثبت الإمام الألباني[41]، وهذا يعبر عن واقع أهينت فيه المرأة.

اعتماداً على ما سبق نستنتج أن:

-مرام الحديث ومقصده التحذير من فتنة انحطاط الأمة نتيجة تغييب المرأة وتهميشها وتعطيلها عن أداء مهمتها حافظة في بيتها وفي مجتمعها.

-فتنة النساء هي تجهيل المرأة، لأن مكانة النساء في المجتمع ودرجتهن في التقوى ودركتهن في الانحطاط، معيار لنهوض الأمة وسقوطها، فالمرأة إذا جهلت واستضعفت ركنت إلى الدنيا تمكر وتكيد لا شغل لها من أمر حاضر ومستقبل أمتها. 

-قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوصي بالرفق بالمرأة والتلطف بها، ولم ينقم قط عليها أو يُحذِّر منها باعتبارها شراً وفتنة.

خاتمة

مررت من خلال هذا البحث بوقفات مع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حول بعض شؤون المرأة وتباين آراء أئمة العلم في تأويلها، أبتغي من خلالها كشف الغمة عن الأمة في شأن المرأة، وإبراز مكانة المرأة المسلمة وعظم وظيفتها، فقادتني الدراسة إلى جملة من النتائج أُجمل الحديث عنها فيما يلي:

-أهمية فهم نصوص السنة النبوية وفق الرؤية القرآنية، واستحضار مقاصد الشريعة بعيداً عن سوء التأويل وضيق الفهم الذي أنتج أحكاماً مجرَّدة معمَّمَة سطحية، مستوحاة من السنة النبوية تناقض ما قرره صريح القرآن الكريم.

-ضرورة التحرر من ذهنية التشدد والتضييق على المرأة وسوء الظن بها واتهامها، لأن خلق الرِفق هو المنهاج الأصلح للتغيير والإصلاح.

-نبذ التقليد والجمود الفكري، ومساءلة فقه منحسر منحبس أهمل المرأة وألجمها، وأثقل كاهلها بموروث يعرقلها عن ممارسة حافظيتها كاملة داخل بيتها وفي مجتمعها، ورسَّخ فيها على مر العصور الانحطاطية، الشعور بالدونية والعجز، وكَسَرَ ثقتها بنفسها وبربها.

-محاولة التجديد في قضية المرأة باجتهاد يبصر الأمور في شمولها، ويستنبط الأحكام من أصولها، ويتتلمذ مباشرة للنموذج الصحابي، وبفقه يستفيد من ذخائر أئمتنا دون أن يقف عندها وينحبس في أفقها.

ورحم الله تعالى أئمة التفسير وعلماء السُّنَّة وتقبلهم في الصالحين والحمد لله رب العالمين.

 

 

[1]- صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء باب قوله تعالى "وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون"، رقم 3411، صحيح مسلم باب فضائل خديجة رضي الله عنها ورواه الترمذي وابن ماجة في الأطعمة.

[2]- معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، كتاب الكاف مادة كمل، حققه عبد السلام محمد هارون. دار الفكر 1399/1979، 5/139.

[3]- المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي، كتاب الصحابة باب فضائل خديجة، دار إحياء التراث العربي بيروت ط 2، ،1392ه،15/198.

[4]- فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني كتاب أحاديث الأنبياء باب وضرب الله مثلا امرأة للذين آمنوا، صححه محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت   1379ه، 6/447.

[5]-إكمال المعلم بفوائد مسلم كتاب فضائل الصحابة باب فضل خديجة أم المؤمنين، تحقيق د يحيى إسماعيل دار الوفاء ط 1،1409 /1998،7/440

[6]- التنوير شرح الجامع الصغير الصنعاني ،8/239 دار السلام الرياض 1432/2011

[7]- سنن الترمذي كتاب المناقب باب فضل خديجة رقم ح 3878، صححه الألباني

[8]- تحفة الاحوذي، محمد بن عبد الرحمان المباركفوري دار الكتب العلمية بيروت لبنان، 266/ 10.

[9]- التحرير والتنوير، ابن عاشور، دار سحنون تونس، 29/376

[10]-  صحيح البخاري، كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم رقم الحديث 298.

[11]- صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان إطلاق لفظ الكفر على غير الكفر بالله.

[12]- فتح الباري شرح صحيح البخاري، 1/406.

[13]-  المصدر نفسه، 1/406

[14]- المنهاج شرح صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب نقصان الايمان بنقص الطاعات، 2/66

[15]- المصدر نفسه ،2/68

[16]-   فتح الباري شرح صحيح البخاري، 1/406 -407            

[17]- شرح صحيح البخاري، أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال، تحقيق أبو تميم ياسر بن إبراهيم مكتبة الرشد الرياض السعودية، ط 2، 1423ه-2003م،1/420.

[18]-  كتاب التذكرة في أحوال الموتى والآخرة، ابو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي باب ما جاء في أكثر أهل الجنة وأكثر أهل النار، تحقيق الصادق بن محمد إبراهيم، مكتبة دار المنهاج الرياض ط1 ،1425ه، 1/818.

[19]- جامع البيان عن تأويل آي القرآن محمد بن جرير الطبري. 289/17 حققه محمود محمد شاكر دار المعارف مصر.

[20]-  التحرير والتنوير، 15/273.

[21]- المرجع نفسه، 31/502.

[22] - التحرير والتنوير، 3/109.

[23]-  صحيح البخاري، كتاب النكاح باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها رقم 4895

[24]- عمدة القاري شرح صحيح البخاري، بدر الدين العيني، كتاب الحيض باب ترك الحائض الصوم، صححه عبد الله محمد عمر دار الكتب العلمية بيروت ط1 ،1421/2001، 3/402.

[25]- سنن ابن ماجه،كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها،باب ما جاء في خروج النساء في العيدين رقم 1305.

[26]- صحيح البخاري كتاب النكاح باب الوصاة بالنساء رقم 4890، مسلم   في كتاب النكاح باب الوصية بالنساء.

[27]-  فتح الباري شرح صحيح البخاري 2/254

[28]-   المنهاج شرح صحيح مسلم، كتاب النكاح باب الوصية بالنساء،10/57

[29]-  أحكام القران، محمد بن عبد الله بن العربي الإشبيلي المالكي، راجعه محمد عبد القادر عطا، ط 3، دار الكتب العلمية بيروت 2003، 1/335.

[30]-  نيل الاوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأبرار" محمد بن علي بن محمد الشوكاني،6/244 دار الحديث مصر ط1، 1413/1993

[31]- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، محمد الأمين الشنقيطي، دار الفكر، بيروت 1415/1995، 9/6

[32] - التحرير والتنوير، 31/422

[33]- تنوير المؤمنات، عبد السلام ياسين مطبوعات الافق الدار البيضاء، ط1، 1996م، 2/196.

[34]- صحيح مسلم، كتاب الرقاق باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار، رقم2740، صحيح البخاري، كتاب النكاح باب ما يتقى من شؤم المرأة، ح 4808 الترمذي كتاب الادب باب ما جاء في تحذير فتنة النساء.

[35]- معجم مقاييس اللغة، احمد بن فارس بن زكريا، مادة فتن 4/472.

[36]- صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل ظهور الفتن، رقم118.

[37] - فتح الباري، كتاب النكاح باب ما يتقى من شؤم المرأة 9/139

[38]- تحفة الاحوذي، عبد الرحمان المباركفوري دار الكتب العلمية بيروت، 8/53 

[39]- الجامع لأحكام القرآن، 4/28-29

[40]-  التحرير والتنوير، 3/179

[41]- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، محمد ناصرالدين الألباني، مكتب المعارف الرياض ط1، 1412/1992، 5/30.

 

قائمة المراجع

  1. أبو زكرياء محيي الدين بن شرف النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ط2، دار إحياء التراث العربي بيروت 1392ه
  2. أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، معجم مقاييس اللغة، حققه عبد السلام محمد هارون، دار الفكر بيروت 1399/1979
  3. أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني المعروف بابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، صححه محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت 1379ه
  4. بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، صححه عبد الله محمد عمر، ط1، دار الكتب العلمية بيروت، 1421/2001
  5. الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، دار سحنون، تونس 1997
  6. عبد السلام ياسين، تنوير المؤمنات، ط1 مطبوعات الافق الدار البيضاء المغرب، 1996م
  7. عبد الرزاق بن همام الصنعاني، التنوير شرح الجامع الصغير الصنعاني، دار السلام الرياض 1432/2011
  8. علي بن خلف بن عبد الملك ابن بطال القرطبي، شرح صحيح البخاري، تحقيق أبو تميم ياسر بن إبراهيم، ط2، مكتبة الرشد الرياض 1423ه-2003م
  9. القاضي عياض، إكمال المعلم بفوائد مسلم، تحقيق يحيى إسماعيل، ط1، دار الوفاء 1409/1998
  10. محمد الأمين الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، دار الفكر بيروت 1415/1995
  11. محمد بن أحمد القرطبي، كتاب التذكرة في أحوال الموتى والاخرة، تحقيق الصادق بن محمد إبراهيم، ط1، مكتبة دار المنهاج الرياض 1425
  12. محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، ط2، دار الكتب المصرية القاهرة، 1964
  13. محمد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن. حققه محمود محمد شاكر، دار المعارف مصر.
  14. محمد بن عبد الرحمان المباركفوري، تحفة الاحوذي، دار الكتب العلمية بيروت لبنان
  15. محمد بن عبد الله بن العربي الإشبيلي المالكي، أحكام القرآن، راجعه محمد عبد القادر عطا، ط 3، دار الكتب العلمية بيروت 2003.
  16. محمد بن علي بن محمد الشوكاني، نيل الاوطار "شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأبرار"، ط1، دار الحديث مصر 1413/1993
  17. محمد ناصرالدين الألباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ط1، مكتب المعارف الرياض المملكة السعودية 1412/1992
  18. محمد بن إسماعيل البخاري، جامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه المعروف بصحيح البخاري.
  19. محمد بن يزيد بن ماجة الربعي القزويني، سنن ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في خروج النساء في العيدين رقم 1305.
  20. مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، صحيح مسلم.

 

الطاقة الأخلاقية الفائقة أو التوتر الأخلاقي في فلسفة مالك بن نبي شروط النهضة عند مالك بن نبي