يُناقش الدكتور عمارة خالد عزالي، في كتابه الصادر بعنوان "الإعلام والجريمة الإعلامية في ضوء الكتاب والسنّة"، عن دار جودة للنشر والتوزيع بالجزائر، العلاقة بين الإعلام والجريمة الإعلامية، في ضوء ما ينصُّ عليه القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة.
ويقول الباحثُ في تقديم الكتاب: "لقد أردتُ من خلال هذا الكتاب أن أُبرز مدى أهميّة الإعلام في القرآن الكريم والسنة النبوية؛ فالقرآن يُعدّ في حدّ ذاته وسيلة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا؛ لا من حيث التأثير ولا من حيث الأسلوب ولا من حيث التغيير، وهذا يظهر من خلال خصائصه التي تعرّضتُ لها بشيء من التفصيل، كما حاولتُ أن أُبرز أحكام الجريمة في القرآن الكريم للوصول إلى نتيجة تحريم ارتكاب الجريمة ومحاربتها في القرآن الكريم، مهما كانت وسيلة ارتكابها، لأنّ القرآن الكريم يُعتبر الشريعة الربانية العادلة التي جاءت من أجل نشر العدل بين الناس، وحماية أعراضهم وممتلكاتهم وأنفسهم، فحرّمت القتل والزنى والحرابة وكلّ جريمة تزرع الفتنة والخوف والذعر بين الناس، فكان السبق بذلك للقرآن، قبل كلّ الشرائع التي جاءت بعده، في تجريم وعقاب كلّ من تُسوّل له نفسه القيام بما يخالف هذه الشريعة؛ فساد الحقُّ والعدل في المجتمع الذي حكم بهذا الكتاب".
ويضيفُ الباحث: "ولم تكن السُنّة بمنأى عن ممارسة الإعلام، فقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، يختار الطريقة المناسبة للإعلام أثناء الدعوة السريّة والجهرية، أي في مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة، والتي تجلّت من خلال خطبه الواردة في كتب السير، لتنتهي برسائله إلى ملوك عصره التي حاول من خلالها إتمام نشر الرسالة لتعُمّ بقاع العالم، وبالتالي يُعدّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أوّل رجل إعلام تصلُ رسالته إلى العالم بأجمعه دون استخدام التقنيات الحديثة الموجودة في عصرنا الحالي، كما أنّ سنّته جاءت لتقويم الاعوجاج الذي صاحب البشرية من أخلاق ذميمة زرعتها الجاهلية وتحوّلت في بعض الأحيان إلى جريمة في حقّ البشرية، فحاربت سنّته كلّ الجرائم، وأوجبت حدودا وعقوبات تحمي المجتمع المسلم من انتهاك الحرمات والأعراض، فحارب مثلا الإشاعة والغيبة والنميمة بغضّ النظر عن مرتكبها، وبغضّ النظر عن وسيلة ارتكابها".
ويخلصُ المؤلف "عزالي" إلى التأكيد بالقول: "ومن هنا، يمكننا القول إنّ القرآن الكريم والسّنّة النبويّة كان لهما السبق في التعامل مع هذا النوع من الجرائم وإيجاد الحلول المناسبة لها، ممّا يؤكّد أنّ القرآن الكريم والسّنّة النبوية، يُعدّان مصدرين أساسيين للتشريع لا غنى لأيّ قانون عنهما، لنستخلص من ذلك كلّه أنّ النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، كان يسنُّ لنا طرقًا متعدّدة يتمكّن من خلالها المؤمن من التعامل مع الجرائم في وسائل الإعلام والاتصال، بكلّ أنواعها، فلا يتعجّل في الحكم على المواقف بل عليه أن يتبيّن ويتريث ويضع نصب عينيه أنّ العجلة من الشيطان، وأنّ استعمال القوة في علاج مثل هذه الجرائم لا يأتي بنتيجة إيجابية أبدا ولو كانت العجلة والقوة سببا لحلول هذه المشاكل والجرائم لاستعملها أعظم وأقوى رجل عرفته الإنسانية وهو سيّد الوجود، ليبقى منهجُه نبراسا خالدا خلود رسالته ودعوته، يُعلّم المتعلّمين، وينير بصيرة الذين فقدوا الثقة في الشرائع التي خطّتها أنامل البشر على مقاسها ولا يحفظ إلا حقوقها دون غيرها، بعيدة عن العدل الذي نادت به الشريعة السماوية وخطّه ليتساوى أمامه كل البشر بغضّ النظر عن دينهم وعقيدتهم ومنهجهم".
يُشار إلى أنّ الدكتور عمارة خالد عزالي حاصلٌ على شهادة دكتوراه دولة في العلوم الإسلاميّة من جامعة الجزائر (2021).
/العُمانية/ النشرة الثقافية /
مولود بن عمر / خميس