إن السلطة السياسية في الإسلام قائمة على ذات بعدين متداخلين: الالتزام بالقيم الأخلاقية، و تحقيق مصلحة الرعية، وجلب الخير والرفاه إلى الفرد والمجتمع. والأخلاق والمصلحة هما الغاية العظمى من الدين. تسعى هذه المقالة إلى عرض نظرية الأخلاق الائتمانية عند طه عبد الرحمن وتطبيقها في وسم العلاقة الإشكالية بين الدين والسياسة من خلال كتابه " روح الدين: من ضيق العلمانية إلى سعة الائتمانية". كما تحاول المقالة تتبع جذور نظرية طه هذه في تراث الأخلاق الإسلامية التي استمدت معرفياً واستلهمت فكرياً من أفكار وأقوال علماء الإسلام من فقهاء وأصوليين وفلاسفة وعلماء أخلاق، وبخاصة الرؤية الأخلاقية عند العز بن عبد السلام والشاطبي. تخلص المقالة إلى أن التزكية الروحية لا تقل أهمية عن التنمية الفكرية، بل كانت التزكية أولى بالعناية لأنها تنقي العمل السياسي من شوائب التسيد، والتسلط، والعجرفة، والأنانية. إن التزكية الروحية تُخرج الفاعل السياسي من التوسل بقوة السلطان إلى التوسل بقوة الوجدان، ومن ضَيْق التعبد للخلق إلى سعة التعبّد للحق.