يهدف هذا البحث إلى رصد اجتهادات القرضاوي المتعلقة بفقه الأقليات المسلمة، مقدمةً لتحديد ملامح ذلك الاجتهاد والروح التجديدية فيه وبيان المرتكزات التي اعتمد عليها. تنبع أهمية هذا البحث من تعلّقه بالتجديد في معالجة قضايا الأقليات المسلمة الذين تجاوزت نسبتهم خُمسَ تعداد المسلمين في العالم، والتي أسهم فيها القرضاوي أيّما إسهام، خاصةً مع كثرة المستجدات والنوازل لديهم، والتي لم يعد التراث الفقهيُّ قادراً على الإجابة عليها لاختلاف الظروف والمعطيات التي تتطلّب اجتهاداً معاصراً يجيب عليها عملاً بقاعدة اختلاف الفتوى باختلاف الزمان والعوائد، وذلك من خلال الاجتهاد الانتقائي الترجيحي والاجتهاد الإنشائي الإبداعي. وقد اتبع البحث المنهج الوصفي التحليلي القائم على التتبع والتحليل لكتابات القرضاوي وفتاويه في فقه الأقلياات، إن عبر مؤلفاته المنشورة أو عبر لقاءاته المبثوثة، كبرنامج الشريعة والحياة. ومما يميز هذه الدراسة تفحّصها لمظاهر التجديد في اجتهادات القرضاوي، وسعيها لرسم الملامح العامة لتلك الاجتهادات، واستقراء القواعد والأصول التي ارتكزت عليها، بدل الاكتفاء بسردها. ويتناول هذا البحث بعد المقدمة، عرضاً لأهم الدراسات التي تناولت فقه الأقليات، ثمّ تتبعاً لكتابات القرضاوي التي تناولت الموضوع والمرتكزات التي بنى عليها اجتهاده فيها، وصولاً لتلمس مظاهر التجديد في تلك الاجتهادات ولرسم مجمل ملامحها ومرتكزاتها. وقد خلصت الدراسة إلى تحلي اجتهادات القرضاوي للأقليات المسلمة بعددٍ من الخصائص، وإلى اتباعه فيها منهجية تقوم على عددٍ من المرتكزات والأصول التي بيّنتها الدراسة.