إن الإسلام ثورة شاملة على الأعراف البشرية، والسنة النبوية تزخر بمفاهيم وتصورات ثورية سبقت الأمم الأخرى في الأفكار والمبادئ، وقد مكنت هذه المفاهيم من قيام مجتمع يحترم حقوق الفرد والجماعة دون إفراط أو تفريط، ويحافظ على توازن ملحوظ. إن تراثنا والعلم الأصيل النزيه لا يتعارضان أبداً، فقد ظلت الحضارة الإسلامية وتراثها دوماً في موقف لا يتعارض مع العلم ولا يضعف أمام التجارب. إن تفاني الساعي إلى إحياء الحركة وتأييدها يضمن نجاح مشروع الإحياء، لأن تراثنا صالح لكل زمان ومكان، وينفي الحاجة إلى التحديث. إن المصائب التي حلت بالعالم الإسلامي كثيراً ما رافقها إدانة للانخراط في الفلسفة. ويرى النقاد أن الغوص في أعماقها يؤدي إلى الارتباك والانحراف عن المسار المقصود. ولكن ليس من العدل ولا من الحكمة أن نتخلى تماماً عن السعي وراء المعرفة من خلال البحث الفلسفي. وبالاقتراب من بحار المعرفة الواسعة مسترشدين بالقرآن والسنة الشريفة، وبالاعتماد على الحي القيوم، نستطيع أن نستخرج من أعماق المعرفة العلمية رؤى ثمينة. وهناك حاجة ماسة إلى تنشئة باحثين قادرين على دراسة تراثهم الحضاري والنتاج الفكري للآخرين بموضوعية وحياد وتحليل نقدي.