في طريق الدين والدعوة
اليوم سنتوقف عن عقبة أخرى في طريق الدين، في طريق الدعوة، في الطريق إلى الله سبحانه وتعالى. وهي مطلب المعجزة الحسية في قول الله عز وجل:
﴿وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون﴾.
﴿وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون﴾.
هنا بنو إسرائيل يشترطون: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة. يقولون لنبيهم: نحن معلش، إنما قضية الإيمان لن ندخل فيها إلا أن نرى الله جهرة. شيء آخر غير هذا لن ينفع معنا.
مطلب الإنسان الحسي
الحقيقة مطلب الإنسان الحسي أنه يريد أن يرى الله سبحانه وتعالى أو يرى المعجزات تحدث أمامه مباشرة.
هو ابن هذه الطبيعة الإنسانية التي تتفهم المحسوسات أكثر مما تتفهم المعقولات.
هو ابن هذه الطبيعة الإنسانية التي تتفهم المحسوسات أكثر مما تتفهم المعقولات.
الفلسفة القديمة والتفكر في الكون
الإنسان مع الكون، لما نقرأ الفلسفة اليونانية القديمة، فلاسفة الطبيعة، نجد أن هذا الإنسان التقى بالكون فذهل من التغيرات التي تحدث فيه:
الطبيعة تأتي في الربيع فينتشر الخضار والجمال ثم يزول في الخريف، ثم يعود في الربيع مرة أخرى.
فالعقل البشري يومها يتساءل: كيف تذهب هذه الأشياء وكيف تعود؟ ثم ينتقل ليتساءل: ما هو الشيء الذي تنتج عنه هذه الأشياء حين تعود؟
الطبيعة تأتي في الربيع فينتشر الخضار والجمال ثم يزول في الخريف، ثم يعود في الربيع مرة أخرى.
فالعقل البشري يومها يتساءل: كيف تذهب هذه الأشياء وكيف تعود؟ ثم ينتقل ليتساءل: ما هو الشيء الذي تنتج عنه هذه الأشياء حين تعود؟
فبدأ يبحث: هل هو التراب؟ هل هو الماء؟ هل هو التراب والماء معًا؟ ومن هنا قاده عقله للسؤال الأكبر: من أحدث ذلك كله؟ من نظم هذه العملية الكاملة؟
فنشأ مفهوم المحرّك الأول، أي القوة الماورائية التي تنتج هذه الأشياء.
فنشأ مفهوم المحرّك الأول، أي القوة الماورائية التي تنتج هذه الأشياء.
الاستنتاج العقلي
الوصول إلى أن هناك محركًا أول، خالقًا لهذه الموجودات، منظمًا لها، حكيمًا قادرًا، عنده إرادة أوجد هذه الموجودات ونظمها بهذا الشكل… هذا كان استنتاجًا عقليًا.
الرسالات السماوية ودور العقل
حين تنزلت الرسالات السماوية كان في جوهرها فكرة كبرى جدًا متعلقة بحثّ العقل على التفكر والنظر.
لكن لأن عقول البشر كانت تميل دائمًا إلى الحسيات، فقد جاءت المعجزات متتالية، خصوصًا في قصة بني إسرائيل، حيث نجد كمًّا هائلًا من المعجزات في حياتهم.
لكن لأن عقول البشر كانت تميل دائمًا إلى الحسيات، فقد جاءت المعجزات متتالية، خصوصًا في قصة بني إسرائيل، حيث نجد كمًّا هائلًا من المعجزات في حياتهم.
التساؤلات البشرية حول المعجزات
هذه الحسيات تثير سؤالًا:
لماذا الله سبحانه وتعالى يخاطب الأنبياء ولا يخاطبنا؟
لماذا يراه الملأ الأعلى ولا نراه؟
لماذا لا تكون هناك معجزة حسية نشاهدها جميعًا فندخل دائرة الإيمان مباشرة؟
لماذا الله سبحانه وتعالى يخاطب الأنبياء ولا يخاطبنا؟
لماذا يراه الملأ الأعلى ولا نراه؟
لماذا لا تكون هناك معجزة حسية نشاهدها جميعًا فندخل دائرة الإيمان مباشرة؟
ولو شاء الله لركّب فينا طبيعة الإيمان وانتهت مشكلة الإيمان، فيصبح كل البشر مؤمنين.
أثر المعجزات المؤقت
الحقيقة أن المعجزة - أيًا كانت - أثرها مؤقت.
من رأى المعجزة قد يؤمن بها، ومن لم يرها يسمعها كحكاية قد يصدقها أو يكذبها. فهي بالنسبة له مجرد رواية.
أما لو كانت المعجزة دائمة، لاختفى موضوع الاختيار. فالإنسان عندها لن يكون مختارًا، بل مستسلمًا، لأن الأمر خرج من دائرة النقاش والتفكر.
من رأى المعجزة قد يؤمن بها، ومن لم يرها يسمعها كحكاية قد يصدقها أو يكذبها. فهي بالنسبة له مجرد رواية.
أما لو كانت المعجزة دائمة، لاختفى موضوع الاختيار. فالإنسان عندها لن يكون مختارًا، بل مستسلمًا، لأن الأمر خرج من دائرة النقاش والتفكر.
والله سبحانه وتعالى شاء أن يكون الإنسان كائنًا مختلفًا، مفكرًا، مزودًا بالعلم والتعلم، مختارًا لحكمة يعلمها.
المعجزات في الكون
لكن هل نحن بلا معجزات؟
اليوم إذا نظرنا من الذرة إلى المجرة، سنرى المعجزات في كل جانب من جوانب الكون.
اليوم إذا نظرنا من الذرة إلى المجرة، سنرى المعجزات في كل جانب من جوانب الكون.
الله سبحانه وتعالى قال:
﴿إن الله لا يستحي أن يضرب مثلًا ما بعوضة فما فوقها﴾.
﴿إن الله لا يستحي أن يضرب مثلًا ما بعوضة فما فوقها﴾.
البعوضة الصغيرة تختزن أسرارًا كبرى. وما فوقها تحتمل الأكبر والأصغر. واليوم ندرس الفيروسات، وهي أصغر من الأصغر، ولها قدرات هائلة على الإهلاك أو النفع.
العلم يكشف المعجزات
مع تطور أدوات العلم نكتشف الأصغر فالأصغر.
الذرة التي كانت تُعتبر أصغر جسم غير قابل للانقسام، تبيّن أنها قابلة للانقسام، وأن داخلها فضاءً هائلًا يحتوي على نيوترونات وإلكترونات وأجسام أصغر.
نشأت علوم النانو، والفيزياء الحديثة، والرياضيات الدقيقة لدراسة هذه العوالم المتناهية في الصغر.
الذرة التي كانت تُعتبر أصغر جسم غير قابل للانقسام، تبيّن أنها قابلة للانقسام، وأن داخلها فضاءً هائلًا يحتوي على نيوترونات وإلكترونات وأجسام أصغر.
نشأت علوم النانو، والفيزياء الحديثة، والرياضيات الدقيقة لدراسة هذه العوالم المتناهية في الصغر.
المعجزات في حياتنا
إذا تجاوزنا هذه الحقائق وعددناها مسلّمات، نكون قد قفزنا على فكرة المعجزة.
فالمعجزات تحيط بنا من كل جانب، ولسنا نحن الذين صنعناها.
فالمعجزات تحيط بنا من كل جانب، ولسنا نحن الذين صنعناها.
لذلك أشار القرآن الكريم إلى دراسة الكون والانتباه إلى أن المعجزات الحقيقية فيه، وأن العلم مهما تقدّم يبقى محدودًا:
﴿وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا﴾.
﴿وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا﴾.
المعجزة الحسية ليست الحل للإنسان؛ لأنها تتنافى مع ما هو مطلوب منه من تفكر واختيار.