بين الانهيار العالمي وصعود الوعي الإنساني: فرص الأمة لعبور المنعطف التاريخي

بين الانهيار العالمي وصعود الوعي الإنساني: فرص الأمة لعبور المنعطف التاريخي
(مادة محرّرة من لقاء مع د. جاسم السلطان)
1. منعطف تاريخي في مسار الأمة
تمر الأمة اليوم بمنعطف تاريخي حاسم، حيث تتقاطع قضيتان كبيرتان: انهيارات متسارعة في البنية العالمية، وارتفاع أصوات المحرومين المطالبين بالحق والعدالة. هذه اللحظة ليست عابرة، بل ستترك آثارًا عميقة على المستويات القريبة والبعيدة، سواء داخل مجتمعاتنا أو في العالم الأوسع.
2. تيار عالمي جديد يناهض الظلم
لقد نشأ في الغرب تيار اجتماعي مؤثر يتجاوز حدود الدين والعرق واللون، ويركز على إنصاف المستضعفين والدفاع عن حقوقهم، كما يتجلى الآن في المواقف المتعاطفة مع غزة. غير أنّ هذا التيار يواجه انقسامًا داخليًا: فهناك من يسعى لتمريره وتعزيزه، في حين تتحرك قوى أخرى لقمعه بالعنف، خاصة في الولايات المتحدة وبعض الدول التي ترفع العصا الغليظة في وجه هذا الوعي المتنامي، خصوصًا بين الشباب في الجامعات والمؤسسات.
3. فرصة المراجعة وبناء وعي جديد
هذه التحولات العالمية تفتح نافذة أمل لمجتمعاتنا، رغم ما نعانيه من ضعف حضاري وأزمات تاريخية ساهمنا فيها بأنفسنا. فهي تدعونا إلى مراجعة مسارنا والانتقال إلى عمل أكثر رشدًا ووعيًا بتركيب المشهد. المطلوب أن نرضى بخطوات صغيرة متدرجة نحو الاتجاه الصحيح، بدل القفزات الكبرى غير المحسوبة التي غالبًا ما تفضي إلى الإخفاق. المهم أن نُقلّل الخسائر ونراكم المكاسب مع الزمن.
4. دور الجاليات المسلمة في الغرب
كما يُنتظر من أبناء أمتنا في الغرب أن يستثمروا هذا التيار الحقوقي العالمي، وأن ينخرطوا في حركة مناصرة المستضعفين على اختلاف أماكنهم، فلا نتمركز حول ذواتنا فقط، بل ندرك أن هناك مظلومين آخرين في العالم من واجبنا دعمهم. هذا الوعي يضعنا في قلب حركة إنسانية أوسع تتقاطع مع قضايانا.
5. تشكّل نواة التيار النهضوي
وعلى الرغم من أن التيار العام الأكبر في منطقتنا ما زال مشدودًا إلى الماضي، فإن هناك نواة حقيقية لتيار نهضوي يتشكل تدريجيًا، ويزداد حضوره في وعي الشباب ونشاطاتهم. قد لا يكون مرتبطًا مباشرة بما نكتب ونطرح، لكنه يسير في الاتجاه نفسه ويصب في مجرى النهضة بطرق متعددة.
6. تحويل الألم إلى وعي ونهضة
الأمل معقود على أن تتحول الأحزان والآلام التي نعيشها إلى قوة ووعي يدفعان نحو تجاوز أخطاء الماضي، فلا نكرر دورات الفشل السابقة، بل نصنع تجربتنا الخاصة ونتعلم من عثراتنا. وبهذا، نصبح أكثر استعدادًا لعبور هذا العصر بوعي ورشد، لعل المستقبل يكون أفضل بإذن الله.