تكوين العقل العربي
يتناول هذا الكتاب موضوعًا كان يجب أن ينطلق القول فيه منذ مائة سنة. إن نقد العقل جزء أساسي وأولي من كل مشروع للنهضة. ولكن نهضتنا العربية الحديثة جرت فيها الأمور على غير هذا المجرى، ولعل ذلك من أهم عوامل تعثرها المستمر إلى الآن. وهل يمكن بناء نهضة بعقل غير ناضج، عقل لم يقم بمراجعة شاملة لآلياته ومفاهيمه وتصوراته ورؤاه؟ كان المفروض إذن أن يكون هذا الكتاب مجرد حلقة في سلسلة طويلة، من الكتب والأبحاث، تمتد على مدى مائة عام. وفي هذه الحال كان سيستفيد حتمًا من الأعمال السابقة له: يتعلم منها ويتجنب تكرار أخطائها ويجتهد في إضافة لبنة إلى صرحها.. وإن هو شعر بأن هذا الصرح في حاجة إلى تفكيك وإعادة بناء، وكان له من الطموح ما يكفي، أقدم على تدشين خطاب جديد في موضوع: لا نقول: جديد، بل متجدد.