اعتنى القرآن الكريم بشأن الأسرة اعتناءً كبيرا نشأةً وبناءً ووظيفةً ورسالةً، ذلك أنه يعتبرها أساس بناء المجتمع وتماسكه وقوته ومتانة علاقاته. فاهتم القرآن الكريم بالأسرة بدأ من نواة نشأتها و هو الزواج، ثم في تنظيم العلاقة بين الزوجين والحقوق المتبادلة بينهما، ثم عن دورها ووظيفتها ورسالتها. وإذا اعتبرنا المجتمع بناءً فلبناته هي الأسر، أي أن كل أسرة فيه تشكل لبنة منه في صرحه الكبير. بل إن الأسرة تُعدّ مجتمعا صغيرا يعكس حالة المجتمع الكبير، فأحوال المجتمع في جوانبها المادية والمعنوية تعكس حال كل أسرة فيه، أو أن كل أسرة فيه تعكس أحوال المجتمع العامة. إن المجتمع ليخطو خطوات نحو التطور والرقي أو يتقهقر بفضل صلاح أسره واستقرارها أو فسادها وتفككها. إن القرآن الكريم يتحدث عن بناء الأسرة كمقصد تترتب عنه مقاصد جزئية، لكن في إطار منظومة متكاملة، تنطلق من آية الله تعالى في خلق الذكر والأنثى، وسنة التزاوج، وغاية العبودية لله تعالى، ومهمة الاستخلاف في الدنيا، وعمارة الأرض بالخير والصلاح، والتناغم مع سنن الله تعالى في الكون. ولذا جاءت هذه الورقة البحثية لبيان مدى اعتناء القرآن الكريم بالأسرة، ومقاصده الكثيرة من بناء الأسرة، وآثار ذلك على الفرد والعائلة والمجتمع.