في الأحداث التي نحياها في هذه الأيام المصيرية، من واقع أمتنا عامة، وشعبنا خاصة، أصبح دور الإعلامي النبيل، والواجب الملقى على عاتقه، مهمة تنوء بحملها الجبال، فقد أُحيلت إليه أمانة رصد المشهد والحدث.
وحيثُما وُجد قول ربنا عز وجل: "إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا"، أسقطناها على الدور الإعلامي في التعبئة الإيمانية والمعنوية والفكرية، ودوره في رصد الأحداث المُتلاحقة على الصعيد المحليّ والدوليّ.
فتح الله لك
فتح الله لك
فنقول أحيانًا: "فتح الله لك"، ونُريد بها فتحَ الله لك من واسع فضله، وعظيم منّته، ونقصدُ في كثيرٍ منها الجانبَ العلميّ أو الإيمانيّ أو المعرفيّ، فمن خلالِ الطّرح الإعلاميّ الرصين يفتح الله لعباده من خيريّ الدنيا والآخرة كالمعرفةِ، والتعبئةِ الإيمانيةِ، والمعنوية، والفكرية، لحمل لواء العزة والمنهج الحق.
خطاب التثبيت
وأمّا عن قولِ ربنا عز وجل: "هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا۟ إِيمَٰنٗا مَّعَ إِيمَٰنِهِمْ"،
فأُريد بالسَّكِينَةِ: خطابُ التثبيت في بثّ الطمأنينة، وتنميةُ الذوق الوجدانيّ في قلوب المؤمنين، ممّا يُشكّل الإعلامُ عبر منصاته وسيلةً من وسائل التثبيت لا التخذيل.
فأُريد بالسَّكِينَةِ: خطابُ التثبيت في بثّ الطمأنينة، وتنميةُ الذوق الوجدانيّ في قلوب المؤمنين، ممّا يُشكّل الإعلامُ عبر منصاته وسيلةً من وسائل التثبيت لا التخذيل.
الإشاعات والأخبار الكاذبة
وأمّا عن وعيد ربنا عز وجل للمنافقين والمنافقات، أصحاب الأخبار الكاذبة وبثّ الإشاعات، فقد توعّدهم بقوله:
"وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَٰتِ ٱلظَّانِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ ۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرٗا".
"وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَٰفِقِينَ وَٱلْمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَٰتِ ٱلظَّانِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ ۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرٗا".
إذن: أصحاب الإشاعات والأخبار المثبّطة، الذين يبثّون أجواء من الفلتانِ الأمنيّ، وحالاتٍ من الرُّعبِ والذُّعرِ بين الناس، هم المنافقون والمرجفون الظانّون بالله عز وجل ظنَّ السوء.
الشهادة والإنذار والتبشير
الشهادة والإنذار والتبشير
غير أنّ دليل الإعلاميّ الأقوى، وقائده الأسمى، وضّحه قول الله تعالى للإعلاميّ الأول محمدٍ ﷺ بقوله:
"إِنَّا أَرْسَلْنَٰكَ شَاهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا لِّتُؤْمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةٗ وَأَصِيلٗا".
"إِنَّا أَرْسَلْنَٰكَ شَاهِدٗا وَمُبَشِّرٗا وَنَذِيرٗا لِّتُؤْمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةٗ وَأَصِيلٗا".
وفي هذه الآية خطابٌ لأتباع النبيّ "الشاهدِ المبشِّرِ النذيرِ" صلى الله عليه وسلم، وهم يتلقّون عنه سَمته، فعلموا أنّ الجهد الإعلاميّ بين شاهدٍ ومبشّرٍ ونذيرٍ.
إذن لدينا أركانٌ أساسية ثلاثة وضعتها هذه الآية، بحيث إذا أُسقطت على خطابٍ أو طرحٍ أسّست لجعله خطابًا تامًّا نافعًا، موضوعيًّا ومتوازنًا، حيث الشهادة، والإنذار، والتبشير.
ويمكن أن نجعلها تحت عنوان المنظومة القيمية في الإعلام وفق منهج الإسلام.
إذن لدينا أركانٌ أساسية ثلاثة وضعتها هذه الآية، بحيث إذا أُسقطت على خطابٍ أو طرحٍ أسّست لجعله خطابًا تامًّا نافعًا، موضوعيًّا ومتوازنًا، حيث الشهادة، والإنذار، والتبشير.
ويمكن أن نجعلها تحت عنوان المنظومة القيمية في الإعلام وفق منهج الإسلام.
فالشهادةُ: هي المصادرُ الموثوقة، والتحقّق، والتثبّت.
واقترانُ المبشّر والنذير معًا في سياقٍ واحدٍ يدلّ على أهميةِ التوازنِ في الطرح، والتوازنِ في نقلِ الصورة، والتوازنِ في استحضارِ المشهد، وفي استعراض الحدث بحجمه الفعليّ الحقيقيّ.
واقترانُ المبشّر والنذير معًا في سياقٍ واحدٍ يدلّ على أهميةِ التوازنِ في الطرح، والتوازنِ في نقلِ الصورة، والتوازنِ في استحضارِ المشهد، وفي استعراض الحدث بحجمه الفعليّ الحقيقيّ.
والمصداقيةُ في الإعلامِ تعتمد على منظومةٍ قيميّةٍ منها: الوفاءُ بالعهدِ، واحتسابُ الأجر والثواب من الله أولًا، إذ إنّ الإعلاميّ النبيل وفيّ صاحب رسالةٍ ومصداقيّة، لا ينهج أساليبَ الاستعراض، أو المبالغة، أو التهويل، أو الاجتزاء في السياقات المتعدّدة وفق أيديولوجيته أو فكرته المسبقة.
ثمّ تُختتم السورةُ بتذكيرك بعالميّةِ رسالتكَ، وعظمةِ مهمّتك، فقد أُنيطت بكَ مهمةُ المرسلين:
"هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرْسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ".
"هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرْسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ".
مهمة رجل الإعلام
مهمةُ رجلِ الإعلامِ تجاه دينه، ومجتمعه، وشعبه، وأمّته أن يعملَ ليُظهرَ الحقَّ والحقيقةَ المتمثّلةَ في قوله تعالى:
"لِيُظْهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ".
"لِيُظْهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ".
والله غالبٌ على أمره، ولكن أكثرَ الناس لا يعلمون...
#إلى_الفرج_أقرب_بإذن_الله